والملام، فلست أعلم للمحدث إذا لم يحسن صناعة الحديث خصلةً خيرًا له من أن ينفر إلى كل حديث يقال له: إن هذا غريب، ليس عند غيرك أن يضرب عليه من كتابه ولا يحدث به، لئلا يكون ممن ينفرد بما لو أراد الحاسد أن يقدح فيها تهيأ له، وأما من الحديث صناعته فلا يحل له، ولا يسعه أن يروي إلا عن شيخ ثقة بحديث صحيح، يكون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنقل العدل عن العدل موصولًا.
من أهل الكوفة، كنيته أبو عمرو، وهو الذي يقال له: هارون بن أبي وكيع، روى عن أبيه، روى عنه الثوري، مات سنة اثنتين رأربعين ومئة، منكر الحديث جدًّا، يروي المناكير الكثيرة، حتى يسبق إلى قلب المجتمع لها أنه المتعمد لذلك من كثرة ما يروي ما لا أصل له، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
بن مُحرَّز بن الهدير التيمي القرشي، من أهل المدينة، يروي عن محمد بن المنكدر وأبي حازم، روى عنه ابن أبي فديك، وهو أخو محرز بن هارون، كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار لأهل الصناعة فقط.