منهم بما عنده، فقال لهم: لم تصيبوا، قالوا له: فأخبرنا بأعقل الناس عندك، قال: أعقل الناس الذي لا يعمل، لأن من العمل يجيء التعب، ومن التعب يجيء المرض، ومن المرض يجيء الموت، ومن عمل فقد أعان على نفسه، وقال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}.
قال إسحاق: زدنا من حديثك، قال: وحدثني أبو عبد الله الصادق الناطق بإسناده عن رغلمح قال: من أطعم أخاه شواءً غفر الله له عدد النوى، ومن أطعم أخاه هريسة غفر الله له مثل الكنيسة، ومن أطعم أخاه جنب [جبنًا] غفر الله له كل ذنب، قال: فضحك إسحاق، وأمر له بلباسين ورغيفين وعودين.
قال أبو حاتم: فإذا كان مثل هؤلاء يجترئون على أحمد ويحيى وإسحاق حتى يضعوا الحديث بين أيديهم من غير مبالاة بهم كانوا إذا خلوا بمساجد الجماعات ومحافل القبائل مع العوام والرعاع أكثر جسارة في الوضع، فالقوم إنما كانت لغتهم العربية، فكان يعلق بقلوبهم ما سمعوا، فربما سمع المستمع من أحدهم حديثًا قد وضعه في قصصه بإسناد صحيح على قوم ثقات فيرويها عنه على جهة التعجب، فيحملونه عند ذلك، حتى وقع في أيدي الناس، من ههنا وجب التفتيش والتنقير عن أصل كل رواية، والبحث عن كل راوٍ في النقل، حتى لا يتقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل.
وأرجو أن تكون هذه الطائفة الذابة الكذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول زمرة يدخلون الجنان مع المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، إذ الجنة حرام على الأنبياء أن يدخلوها قبل نبينا -صلى الله عليه وسلم- وعلى الأمم قبل هذه الأمة، فالأولى أن يكون أقرب هذه الأمة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كان يذب الكذب عنه في دار الدنيا، نسأل الله عز وجل الحلول في تلك المرتبة، إنه الفعال لما يريد.
حدثنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني بالري، قال: حدثنا