قال أبو حاتم: الواجب على كل من رُكِّبَ فيه آلة العلم أن يراعي أوقاته على حفظ السنن، رجاء اللحوق بمن دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، إِذِ اللَّهُ جل وعلا أمر عباده باتباع سنته، وعند التنازع الرجوعَ إلى ملته، حيث قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ثم نفى الإيمان عمن لم يُحَكِّمْهُ فيما شجر بينهم فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} ولم يقل حتى يُحكِّموا فلانًا وفلَانًا فيما شجر بينهم، ولا قال حرجًا مما قضى فلان وفلان، فالحَكَمُ بين الله وبين خلقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقط، فلا يجب لمن أشعر الإيمان قلبه أن يقصر في حفظ السنن بما قدر عليه، حتى يكون رجوعه عد التنازع إلى قول من {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} -صلى الله عليه وسلم- فجعلنا الله منهم بمنه.

ذكر التغليظ في الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

حدثنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بني إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (?).

قال أبو حاتم رضي الله عنه: في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بالتبليغ عنه مَنْ بعدهم مع ذكره إيجاب النار للكاذب عليه دليلٌ على أنه إنما أمر بالتبليغ عنه ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- أو ما كان من سنته فعلًا أو سكتًا [سكوتًا] عند المشاهدة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015