كان ابن الجوزى يكتب فى اليوم أربع كراريس، وله فى كل علم مشاركة، لكنه كان فى التفسير من الأعيان، وفى الحديث من الحفاظ، وفى التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كاف، وأما السجع الوعظى، فله فيه ملكة قوية.
برز ابن الجوزى فى علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف، وكتب بيده نحوا من مائتى مجلدة، وله من المصنفات فى التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنظر فى النجوم والطب والفقه وغير ذلك من اللغة والنحو ما يضيق هذا المكان عن تعدادها.
منها: كتابه فى التفسير المشهور ب (زاد المسير) وله تفسير أبسط منه ولكنه ليس بمشهور، وله (جامع المسانيد) استوعب به غالب مسند أحمد وصحيحى البخارى ومسلم وجامع الترمذى، وله كتاب (المنتظم) فى تواريخ الأمم من العرب والعجم فى عشرين مجلدا. وله مقامات وخطب، وله (الأحاديث الموضوعة) وله (العلل المتناهية فى الأحاديث الواهية) وله فى الطب كتاب (اللقط) مجلدان، وله من النظم والنثر شىء كثيرا جدا، وله كتاب سماه (لقط الجمان فى كان وكان) وكتاب (المجتبى من المجتنى) وهو كتابنا هذا، وله اسم آخر ذكره، حاجى خليفة فى كشف الظنون (المجتبى من العلوم) وغير ذلك.
وكانت وفاته ليلة الجمعة بين العشاءين الثانى عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة، وله من العمر سبع وثمانون سنة، وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيرا جدا، ودفن بباب حرب عند أبيه بالقرب من الإمام أحمد، وكان يوما مشهودا، حتى قيل: إنه أفطر جماعة من الناس من كثرة الزحام وشدة الحر.