1894 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ؛ قَالَ: -[91]- أَوْحَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُوسَى! لَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا بِزِينَةٍ يَعْلَمُ فِرْعَوْنُ حِينَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجَزُ عَمَّا أُوتِيتُمَا فَعَلْتُ، وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيهِ عَنْكُمَا، وَهَكَذَا أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي، إِنِّي لَأَذُودَهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا وَرَخَائِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ، وَإِنِّي لَأَحْمِيَهُمْ عَيْشَهَا وَسَلْوَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَبَارِكِ الغِرَّةِ، وَمَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ، وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مُوفَرًا لَمْ يَكْلِمْهُ الطَّمَعُ، وَلَا يُطْغِيهِ الْهَوَى، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ يَتَزَيَّنَ لِيَ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَبْلَغُ فِيمَا عِنْدِي مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، إِنَّمَا هِيَ زِينَةُ الْأَبْرَارِ عِنْدِي، وَأَنْقَى مَا تَزَيَّنَ بِهِ الْعِبَادُ فِي عَيْنِي مِنْهَا لِبَاسٌ يَعْرِفُونَ بِهِ السَّكِينَةَ وَالْخُشُوعَ، سِيمَاهُمُ النُّحُولُ وَالسُّجُودُ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقًّا، فَإِذَا لَقِيتَهُمْ؛ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ، وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا وَأَخَافَهُ؛ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، وَبَادَانِي، وَعَرَّضَنِي بِنَفْسِهِ وَدَعَانِي إِلَيْهَا، وَأَنَا أَسْرَعُ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي؛ أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي فِيهِمْ أَنَّهُ يَقُومُ لِي، أَمْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَادِينِي فِيهِمْ أَنَّهُ يُعْجِزَنِي، أَمْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَادِرُنِي إِلَيْهِمْ أَنَّهُ يَسْبِقَنِي أَمْ يَفُوتُنِي؟ ! كَيْفَ وَأَنَا -[92]- الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا أَكِلُ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي. يَا موسى! أنا إلهك الديان، ولا تَسْتَذِلَّ الْفَقِيرَ، وَلَا تَغْبِطِ الْغَنِيَّ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَكُنْ عِنْدَ ذِكْرِي خَاشِعًا، وَعِنْدَ تِلَاوَةِ وَحْيِي طَمِعًا، أَسْمِعْنِي لَذَاذَةَ التَّوْرَاةِ بِصَوْتٍ حَزِينٍ