فاطر هذه من عجائب هذا التراث الروحى لأن الله بَيَّن فيها أن إيراثه إياه يختص بالذين اصطفاهم من عباده وقسَّمهم إلى ثلاثة أقسام:
ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات. ثم يبين أن ذلك الإيراث لهذا الكتاب الذي هو أساس دين الإسلام هو الفضل الكبير منه جل وعلا على الذين أورثهم إياه، ثم وعد الجميع دخول جناته وهو لا يخلف الميعاد. قال تعالى. {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر / 32 - 35] وكان بعض أهل العلم يقول حق لهذا الواو أن تكتب بماء العينين، يعني واو {يَدْخُلُونَهَا} لأنها شاملة للظالم والمقتصد والسابق.
ومن الأدلة على شمولها لجميع المسلمين مطيعهم وعاصيهم. أنه قال بعدها: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} الآية [فاطر / 36] فدلَّ ذلك على شمولها لغير الكفار من عامة المسلمين.
وتقديمه تعالى في هذه الآية الظالم لنفسه على المقتصد والسابق في الوعد بالجنة فيه سؤْال معروف وهو: ما وَجْه تقديم الظالم؟
وللعلماء عنه أجوبة منها: أن المقام مقام إظهار الكَرَم والرحمة، فقدَّم الظالم لئلا يقنط وأخَّر السابق بالخيرات لئلا يُعجب بعمله