ومن ذلك قوله تعالى: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا
أي: فضرب فانفجرت منه، فاكتفى بالمسبب الذي هو الانفجار عن السبب الذي هو الضرب.
وهو الإضمار على شريطة التفسير، وهو أن يحذف من صدر الكلام ما يؤتى به في آخره؛ فيكون الآخر دليلا على الأول.
وهو ينقسم ألى ثلاثة أوجه:
كقوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين
تقدير الآية: أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن أقسى قلبه، ويدل على المحذوف قوله: فويل للقاسية قلوبهم.
يرد على حدّ النفى والإثبات، كقوله تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا
تقديره: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل، ويدل على المحذوف قوله: أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا.
أن يرد على غير هذين الوجهين؛ فلا يكون استفهاما، ولا نفيا وإثباتا، وذلك كقول أبي تمام «1» :
يتجنّب الآثام ثمّ يخافها ... فكأنّما حسناته آثام
وهذا البيت تختلف نسخ ديوانه في إثباته؛ فمنها ما يجيء فيه:
يتجنّب الأيّام خيفة غيّها ... فكأنّما حسناته آثام