أم كيف بالنظر في ديوان أبي الطيب المتنبي وهما في زمن واحد، فما تأمل قصيدته في الإصلاح يبن كافور الإخشيدي وبين مولاه الذي مطلعها:

حسم الصلح ما اشتهته الأعادي1

وكذلك لا شك أنه لم يقف على قصيدة أبي عبادة البحتري في غزو البحر التي مطلعها:

ألم تر تغليس الربيع المبكر2

ولو أخذت في تعداد قصائد الشعراء في الأغراض التي أشار إليها وخص بها الكاتب لأطلت، وذكرت الكثير الذي يحتاج إلى أوراق كثيرة، وكل هذه الفروق التي نص عليها وعددها فليست بشيء، ولا فرق بين الكناية والشعر

فيها.

والذي عندي في الفرق بينهما هو من ثلاثة أوجه:

الأول: من جهة نظم أحدهما ونثر الآخر وهذا فرق ظاهر.

الثاني: أن من الألفاظ ما يعاب استعماله نثرا، ولا يعاب نظما، وذلك شيء استخرجته ونبهت عليه في القسم الأول المختص باللفظة المفردة في المقالة الأولى من هذا الكتاب، وسأعيد ههنا منه شيئا فأقول: قد ورد في شعر أبي تمام قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015