فهذا مسلم إليه، ولكنه شذ عنه أن صناعة المنظوم والمنثور مستمدة من كل علم وكل صناعة؛ لأنها موضوعة على الخوض في كل معنى، وهذا لا ضابط له يضبطه، ولا حاصر يحصره، فإذا أخذ مؤلف الشعر أو الكلام المنثور في صوغ معنى من المعاني وأداه ذلك إلى استعمال معنى فقهي أو نحوي أو حسابي أو غير ذلك فليس له أن يتركه ويحيد عنه؛ لأنه من مقتضيات هذا المعنى الذي قصده.

ألا ترى إلى قول أبي تمام في الاعتذار:

فإن يك جرم عن أو تك هفوة ... على خطأ مني فعذري على عمد1

فإن هذا من أحسن ما يجيء في باب الاعتذار عن الذنب، وكان ينبغي له على ما ذكره ابن سنان أن يترك ذلك ولا يستعمله، حيث فيه لفظتا "الخطأ" و"العمد" اللتان هما من أخص ألفاظ الفقهاء.

وكذلك قول أبي الطيب المتنبي:

ولقيت كل الفاضلين كأنما ... رد الإله نفوسهم والأعصرا

نسقوا لنا نسق الحساب مقدما ... وأتى فذلك إذ أتيت مؤخرا2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015