فليس يذهب على السامع -وقد عرف البيت الأول وصدر البيت الثاني- أن عجزه هو ما قاله البحتري.

وقد جاء الإرصاد في الكلام المنثور كما جاء في الشعر.

فمن ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} 1.

فإذا وقف السامع على قوله تعالى: {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ} عرف أن بعده "يختلفون" لما تقدم من الدلالة عليه.

ومن ذلك أيضًا قوله عز وجل: {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} 2 وعلى نحو منه جاء قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} 3 فإذا وقع السامع على قوله عز وجل: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ} يعلم أن بعده بيت العنكبوت.

ورأيت أبا هلال العسكري قد سمى هذا النوع التوشيح4، وليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015