وهكذا ورد قوله عز وجل في سورة الشعراء: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} 1 فهذه ثلاث آيات لا تفهم الأولى ولا الثانية إلا بالثالثة، ألا ترى أن الأولى والثانية في معرض استفهام يفتقر إلى جواب، والجواب هو في الثالثة؟.

ومما ورد من ذلك شعرا قول بعضهم:

ومن البلوى التي ليـ ... ـس لها في الناس كنه

أن من يعرف شيئا ... يدعي أكثر منه

ألا ترى أن البيت الأول لم يقم بنفسه ولا يتم معناه إلا بالبيت الثاني؟ وقد استعمله العرب كثيرا، وورد في شعر فحول شعرائهم، فمن ذلك قول امرئ القيس:

فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل2

وكذلك ورد قول الفرزدق:

وما أحد من الأقوام عدوا ... عروق الأكرمين إلى التراب

بمحتفظين إن فضلتمونا ... عليهم في القديم ولا غضاب3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015