ولا شك أن العادة أوجبت للناس مثل هذا التعمق في ترك الخطاب بالكاف، لكني تأملت أدب الشعراء والكتاب في هذا الموضع فوجدت الخطاب لا يعاب في الشعر ويعاب في الكتابة إذا كان المخاطب دون المخاطب درجة، وأما إن كان فوقه فلا عيب في خطابه إياه بالكاف؛ لأنه ليس من التفريط في شيء, فمن خطاب الكاف قول النابغة:

وإنك كالليل الذي هو مدركي وإن ... خلت أن المنتأى عنك واسع1

وكذلك ورد قوله أيضا:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب2

وعليه جاء قول بعض المتأخرين أيضا، فقال أبو نواس:

إليك أبا المنصور عذبت ناقتي ... زيارة خل وامتحان كريم

لأعلم ما تأتي وإن كنت عالما ... بأنك مهما نأت غير ملوم3

وكذلك ورد قول السلامي4:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل ... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر

وبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015