وأما غيره من أرباب هذه الصناعة فإنهم سموا هذا الضرب من الكلام مطابقا لغير اشتقاق ولا مناسبة بينه وبين مسماه، هذا الظاهر لنا من هذا القول، إلا أن يكونوا قد علموا لذلك مناسبة لطيفة لم نعلمها نحن.

ولنرجع إلى ذكر هذا القسم من التأليف وإيضاح حقيقته، فنقول: الأليق من حيث المعنى أن يسمى هذا النوع المقابلة؛ لأنه لا يخلو الحال فيه من وجهين: إما أن يقابل الشيء بضده، أو يقابل بما ليس بضده، وليس لنا وجه ثالث.

فأما الأول وهو مقابلة الشيء بضده كالسواد والبياض، وما جرى مجراهما فإنه ينقسم قسمين: أحدهما مقابلة في اللفظ والمعنى, والآخر مقابلة في المعنى دون اللفظ.

المقابلة في اللفظ والمعنى:

أما المقابلة في اللفظ والمعنى فكقوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} 1 فقابل بين الضحك والبكاء والقليل والكثير.

وكذلك قوله تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} 2 وهذا من أحسن ما يجيء في هذا الباب.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير المال عين ساهرة لعين نائمة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015