الإبرة والمرود وذكر الدينار، وهي أشهر كما يقال من "قفا نبك"1 فلا حاجة إلى إيرادها في كتابي هذا.
وقد ورد في الألغاز شيء في كلام العرب المنثور, غير أنه قليل بالنسبة إلى ما ورد في أشعارها.
وقد تأملت القرآن الكريم فلم أجد فيه شيئا منها، ولا ينبغي أن يتضمن منها شيئا؛ لأنه لا يستنبط بالحدس والحزر كما تستنبط الألغاز.
وأما ما ورد للعرب فيروى عن امرئ القيس وزوجته عدة من الألغاز، وذاك أنه سألها قبل أن يتزوجها، فقال: ما اثنان وأربعة وثمانية? فقالت: أما الاثنان فثديا المرأة، وأما الأربعة فأخلاف الناقة، وأما الثمانية فأطباء الكلبة، ثم إنه تزوجها وأرسل إليها هدية على يد عبد له، وهي حلة من عصب2 اليمن ونحي من عسل ونحي من سمن، فنزل العبد ببعض المياه ولبس الحلة فعلق طرفها بسمرة3 فانشق، وفتح النحيين وأطعم أهل الماء، ثم قدم على المرأة وأهلها خلوف4, فسأل عن أبيها وأمها وأخيها، ودفع إليها الهدية، فقالت له: أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدا ويبعد قريبا، وأن أمي ذهبت تشق النفس لنفسين، وأن أخي يرقب الشمس، وأخبره أن سماءكم انشقت، وأن وعاءيكم نضبا.
فعاد العبد إلى امرئ القيس وأخبره بما قالته له، فقال: أما أبوها فإنه ذهب يحالف قوما على قومه، وأما أمها فإنها ذهبت تقبل امرأة5، وأما أخوها فإنه في سرح يرعاه إلى أن تغرب الشمس، وأما قولها: إن سماءكم انشقت, فإن