"أيحل للصائم أن يأكل نهارا"1 والنهار: من الأسماء المشتركة بين النهار الذي هو ضد الليل وبين فرخ الحبارى، فإنه يسمى نهارا، وإذا كان من الأسماء المشتركة صار من باب المغالطات المعنوية، لا من باب الأحاجي، والألغاز شيء منفصل عن ذلك كله، ولو كان من جملته لما قيل لغز وأحجية، وإنما قيل كناية، وتعريض، ومنه ما يطلق عليه المغالطة، ومنه شيء آخر خارج عن ذلك فجعل لغزا وأحجية.
وكنت قدمت القول بأن الكناية هي اللفظ الدال على جانب الحقيقة وعلى جانب المجاز، فهو يحمل عليهما معا، وأن التعريض هو ما يفهم من عرض اللفظ لا من دلالته عليه حقيقة ولا مجازا، وأن المغالطة هي التي تطلق ويراد بها شيئان: أحدهما دلالة اللفظ على معنيين بالاشتراك الوضعي، والآخر دلالة اللفظ على المعنى ونقيضه. وأما اللغز والأحجية فإنهما شيء واحد، وهو كل معنى يستخرج بالحدس والحزر، لا بدلالة اللفظ عليه حقيقة ومجازا، ولا يفهم من عرضه؛ لأن قول القائل في الضرس:
وصاحب لا أمل الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد
ما إن رأيت له شخصا فمذ وقعت ... عيني عليه افترقنا فرقة الأبد
لا يدل على أنه الضرس، لا من طريق الحقيقة ولا من طريق المجاز ولا من