وهذا النوع من أحلى ما استعمل في الكلام وألطفه، لما فيه من التورية, وحقيقته أن يذكر معنى من المعاني له مثل في شيء آخر ونقيض، والنقيض أحسن موقعا، وألطف مأخذا. فالأول الذي يكون له مثل يقع في الألفاظ المشتركة، فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي:
يشلهم بكل أقب نهد ... لفارسه على الخيل الخيار
وكل أصم يعسل جانباه ... على الكعبين منه دم ممار
يغادر كل ملتفت إليه ... ولبته لثعلبه وجار1
فالثعلب هو هذا الحيوان المعروف، والوجار اسم بيته، والثعلب أيضًا هو طرف سنان الرمح، فلما اتفق الاسمان بين الثعلبين حسن ذكر الوجار في طرف السنان، وهذا نقل المعنى من مثله إلى مثله.
وعليه ورد قول المتنبي:
برغم شبيب فارق السيف كفه ... وكانا على العلات يصطحبان