وأما الإرداف:
فإنه ضرب من اللفظ المركب, إلا أنه اختص بصفة تخصه، وهي أن تكون الكناية دليلا على المكنى عنه ولازمة له، بخلاف غيرها من الكنايات، ألا ترى أن طول النجاد دليل على طول القامة ولازم له، وكذلك يقال: فلان عظيم الرماد أي: كثير إطعام الطعام، وعليه ورد قول الأعرابية في حديث أم زرع في وصف زوجها: "له إبل قليلات المسارح, كثيرات المبارك، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك"1.
وغرض الأعرابية من هذا القول أن تصف زوجها بالجود والكرم، إلا أنها لم تذكر ذلك باللفظ الصريح، وإنما ذكرته من طريق الكناية على وجه الإرداف الذي هو لازم له.
وكذلك ورد في الأخبار النبوية أيضا، وذاك أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن غسلها من الحيض، فأمر أن تغتسل، ثم قال: "خذي فرصة من مسك فتطهري بها" 2 قالت: كيف أتطهر بها? فقال: "تطهري بها" قالت: كيف أتطهر بها? قال: "سبحان الله تطهري بها". فاجتذبتها عائشة رضي الله تعالى عنها إليها، وقالت: تتبعي بها أثر الدم، فقولها: "أثر الدم" كناية عن الفرج على طريق الإرداف، لأن أثر الدم في الحيض لا يكون إلا في الفرج، فهو رادف له.
ومما ورد في ذلك شعرا قول عمر بن أبي ربيعة:
بعيدة مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها وإما عبد شمس وهاشم2