فقوله: وأنت منهم, من محمود الاعتراض ونادره، وفائدته ههنا التصريح بما هو المراد، وتقدير هذا الكلام قبل الاعتراض: لو أن الباخلين رأوك، فاعترض بين اسم أن وهو الباخلين, وبين خبرها وهو رأوك بالمبتدأ, أو الخبر الذي هو "وأنت منهم".
ومن محاسن ما جاء في هذا الباب قول المضرب السعدي:
فلو سألت سراة الحي سلمى ... على أن قد تلون بي زماني
لخبرها ذوو أحساب قومي ... وأعدائي فكل قد بلاني1
وهذا اعتراض بين لو وجوابها، وهو من فائق الاعتراض ونادره، وتقديره: فلو سألت سراة الحي سلمى لخبرها ذوو أحساب قومي وأعدائي، وفائدة: "على أن قد تلون بي زماني" أي: إنهم يخبرون عني على تلون الزمان، يريد تنقل حالاته من خير وشر، وليس من عجمه الزمان وأبان عن جوهره كغيره ممن لم يعجمه ولا أبان عنه.
ومن ذلك قول أبي تمام:
وإن الغنى لي إن لحظت مطالبي ... من الشعر إلا في مديحك أطوع2