أغالب فيك الشوق والشوق أغلب1

فأتيت منها على هذا البيت وهو:

وما طربي لما رأيتك بدعةٌ ... لقد كنت أرجو أن أراك فأطْرَبُ2

فقلت له: يا أبا الطيب، لم تزد على أن جعلته أبا زنَّة3، فضحك لقولي! وهذا القسم من الكلام يسمَّى "الموجَّه" أي: له وجهان4، وهو مما يدل على براعة الشاعر وحسن تَأَتِّيه.

وأمَّا القسم الثالث: فإنه يكون أكثر وقوعًا من القسم الثاني، وهو واسطة بين طرفين؛ لأن القسم الأول كثير الوقوع، والقسم الثاني قليل الوقوع، وهذا القسم الثالث وسط بينهما.

فمِمَّا جاء منه قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} 5 فإن هذا له وجهان من التأويل, أحدهما: القتل الحقيقي الذي هو معروف، والآخر: هو القتل المجازي، وهو الإكباب على المعاصي، فإن الإنسان إذا أكبَّ على المعاصي قتل نفسه في الآخرة.

ومن ذلك ما ورد في قصة إبراهيم وذبح ولده -عليهما السلام، فقال الله تعالى حكاية عنه: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015