"ففيها المشمش الذي يسبق غيره بقدومه، ويقذف أيدي الجانين بنجومه، فهو يسمو بطيب الفرع والنجار1، ولو نظم في جيد الحسناء لاشتبه بقلادة من نضار2، وله زمن الربيع الذي هو أعدل الأزمان، وقد شبه بسن الصبا في الأسنان.

"وفيها التفاح الذي رق جلده، وعظم قده، وتورد خده، وطابت أنفاسه، فلا بان الوادي ولا رنده3، وإذا نظر إليه وجد منه حظ الشم والنظر، ونسبته من سرر الغزلان أولى من نسبته إلى منابت الشجر.

"وفيها العنب الذي هو أكرم الثمار طينة، وأكثرها ألوان زينة، وأول غرس اغترسه نوح -عليه السلام- عند خروجه من السفينة، فقطفه يميل بكف قاطفه، ويغري بالوصف لسان واصفه.

"وفيها الرمان الذي هو طعام وشراب، وبه شبهت نهود الكعاب، ومن فضله أنه لا نوى له فيرمى نواه، ولا يخرج اللؤلؤ والمرجان من فاكهة سواه.

وفيها التين الذي أقسم الله به تنويها بذكره، واستتر آدم عليه السلام بورقه إذ كشفت المعصية من ستره، وخص بطول الأعناق فما يرى بها من ميل، فهو نشوة من سكره، وقد وصف بأنه راق طعما، ونعم جسما، وقيل: هذا كنيف مليء شهدًا لا كنيف ملئ علما.

وفيها من ثمرات النخيل ما يزهى بلونه وشكله، ويشغل بلذة منظره عن لذة أكله، وهو الذي فضل ذوات الأفنان بعرجونه، ولا تماثل بينه وبين الحلواء: "هذا خلق الله، فأروني ماذا خلق الذين من دونه"4.

وفيها غير ذلك من أشكال الفاكهة وأصنافها، وكلها معدود من أوساطها لا من أطرافها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015