ولو مات العبد أو أبق، أو سرقه سارق كان في مال المشتري، وضمانه عليه، وإذا كان ضمانه عليه فخراجه له: أي له ما تحصل من أجرة عمله.
وأما ما ورد شعرا، فقول السموءل بن عادياء الغساني1 من جملة أبياته الرمية المشهورة2، وذلك قوله منها:
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثناء سبيل
فإن هذا البيت قد اشتمل على مكارم الأخلاق جميعها، من سماحة وشجاعة، وعفة، وتواضع، وحلم، وصبر، وغير ذلك، فإن هذه الأخلاق كلها من ضيم النفس؛ لأنها تجد بحملها ضيما، أي مشقة وعناء.
وقد تقدم القول أن الإيجاز بالقصر يكون فيما تضمن لفظه محتملات كثيرة، وهذا البيت من ذلك القبيل، ولا أعلم أن شاعرًا قديما ولا حديثا أتى بمثله، وقد أخذه أبو تمام، فأحسن في أخذه، وهو:
وظلمت نفسك طالبًا إنصافها ... فعجبت من مظلومة لم تظلم
ففاز في بيته هذا بالمقابلة بين الضدين في الظلم والإنصاف، ثم قال: "فعجبت من مظلومة لم تظلم"، وهذا أحسن من الأول.
ومعنى قوله: "ظلمت نفسي طالبا إنصافها" أي: أنك أكرهتها على مشاق الأمور، وإذا فعلت ذلك فقد ظلمتها، ثم إنك مع ظلمك إياها قد أنصفتها؛ لأنك جلبت إليها أشياء حسنة تكسبها ذكرا جميلا، ومجدا مؤثلا، فأنت منصف لها في صورة ظالم.
وكذلك قوله:
"فعجبت من مظلومة لم تظلم"