وفي هذا محذوف تقديره: فلما جاء به قال: {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} ؛ لأن تنكيره لم يكن إلا بعد أن جيء به إليه، وقد أغنى عن المحذوف

صدر الكلام وآخره، وكان ذلك دليلًا عليه.

ومما ورد على ذلك شعرًا قول أبي الطيب المتنبي1:

لا أبغض العيس لكني وقيت بها ... قلبي من الهم أو جسمي من السقم2

وهذا البيت فيه محذوف، تقديره: لا أبغض العيس لإنضائي إياها في الأسفار، ولكني وقيت بها كذا وكذا، فالثاني دليل على حذف الأول.

وهذا موضع يحتاج فيه استخراجه، واستخراج أمثاله إلى فكرة وتدقيق نظر.

ومما يتصل بهذا الضرب حذف ما يجيء بعد "أفعل"، كقولنا: "الله أكبر"، فإن هذا

يحتاج إلى تمام أي أكبر من كل كبير، أو أكبر من كل شيء يتوهم كبيرًا، أو ما جرى هذا المجرى.

ومثله يرد قولهم: زيد أحسن وجها، وأكرم خلقا، تقديره أحسن وجها من غيره، وأكرم خلقا من غيره، أو ما يسد هذا المسد من الكلام.

وعليه ورد قول البحتري3:

الله أعطاك المحبة في الورى ... وحباك بالفضل الذي لا ينكر

ولأنت أملأ في العيون لديهم ... وأجل قدرا في الصدور وأكبر

أي: أنت أملأ في العيون من غيرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015