فإن قوله: "لعمري" زيادة لا حاجة للمعنى إليها، وهي حشو في الكلام، لا فائدة فيه إلا إصلاح الوزن لا غير.

ألا ترى أنها من باب القسم، وإنما يرد القسم في موضع يؤكد به المعنى المراد، إما أنه مما يشك فيه، أو مما يعز وجوده، أو ما جرى هذا المجرى، وهذا البيت الشعري لا يفتقر معناه إلى توكيد قسمي، إذ لا شك في أن السيوف حاكمة، وأن كل أحد يقر لحكمها، ويذعن لطاعتها.

وكذلك قوله: أيضا:

إذا أنا لم ألم عثرات الدهر ... بليت به الغداة فمن ألوم1

فقوله: "الغداة" زيادة لا حاجة بالمعنى إليها؛ لأنه يتم بدونها؛ لأن عثرات الدهر لم تنله الغداة ولا العشي، وإنما نالته، ونيلها إياه لا بد، وأن يقع في زمن من الأزمنة كائنا ما كان، ولا حاجة إلى تعيينه بالذكر.

وعلى هذا ورد قول البحتري:

ما أحسن الأيام إلا أنها ... يا صاحبي إذا مضت لم ترجع2

فقوله: "يا صاحبي" زيادة لا حاجة بالمعنى إليها، إلا أنها وردت لتصحيح الوزن لا غير.

وهذه الألفاظ التي ترد في الأبيات الشعرية لتصحيح الوزن لا عيب فيها؛ لأنا لو عبناها على الشعراء لحجرنا عليهم وضيقنا، والوزن يضطر في بعض الأحوال إلى مثل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015