فأنكرت عليه هذا القول، فأخذ يجادل مجادلة غير عارف، ويعزو ذلك إلى تفسير النقاش1، وتفسير البلاذري2.
فقلت له: اعلم أن هذا الاسم الذي هو "الأصفر" لا يخلو في دلالته على الأسود من وجهين: إما أنه من الأسماء المتباينة التي يدلّ كل اسم منها على مسمَّى واحد كالإنسان والأسد والفرس وغير ذلك، وإما أنه من الأسماء المشتركة التي يدل الاسم منها على مسميين فصاعدًا.
ولا يجوز أن يكون من الأسماء المتباينة؛ لأنَّا نراه متجاذبًا بين لونين: أحدهما: هذا اللون الزعفراني الشكل، والآخر: اللون المظلم الشكل، وعلى هذا, فإنه يكون من الأسماء المشتركة، وإذا كان من الأسماء المشتركة فلا بُدَّ له من قرينة تخصصه باللون الزعفراني دون اللون المظلم؛ لأن الله تعالى قال: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} والفاقع من صفات اللون الزعفراني خاصة؛ لأنه قد ورد للألوان صفات متعددة لكل لون منها صفة، فقيل: أبيض يقق3، وأسود حالك، وأحمر قان، وأصفر فاقع، ولم يقل: أسود فاقع، ولا أصفر حالك، فعلم حينئذ أن لون البقرة لم يكن أسود, وإنما كان أصفر.
فلمَّا تحقق عند ذلك الفقيه ما أشرت إليه أذعن بالتسليم.