فانظر أيهما المنتمي إلى الفن كيف ذهب على البحتري مثل هذا

الموضوع على قربه، مع تقدمه في صناعة الشعر؟، وليس في ذلك كبير أمر، سوى أن كان قدم ما أخر لا غير.

وإنما يعذر الشاعر في مثل هذا المقام إذا حكم عليه الوزن والقافية، واضطر إلى ترك ما يجب عليه، وأما إذا كانت الحال التي ذكرها البحتري، فحينئذ لا عذر له.

وسيأتي باب مفرد في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، وهو باب "ترتيب التفسير".

وكذلك ورد قول البحتري1:

في معركٍ ضنكٍ تخال به القنا ... بين الضلوع إذا انحنين ضلوعا

ومن تشبيه المفرد بالمفرد قول أبي الطيب المتنبي2:

خرجن من النقع في عارض ... ومن عرق الركض في وابل3

فلما نشفن لقين السياط ... بمثل صفا البلد الماحل4

وقد حوى هذان البيتان قرب التشبيه مع براعة النظم، وجزالة اللفظ.

وأما القسم الثاني: وهو تشبيه المركب بالمركب، فمما جاء منه مضمر الأداة ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث يرويه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وهو حديث طويل: "يشتمل على فضائل أعمال متعددة، ولا حاجة إلى إيراده ههنا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015