ولنرجع إلى ذكر ما أشرنا إليه أولًا في تقسيم التشبيه إلى الأربعة أقسام الأخرى التي هي: تشبيه مفرد بمفرد، وتشبيه مركب بمركب، وتشبيه مفرد بمركب، وتشبيه مركب بمفرد.

فالقسم الأول منها: كقوله تعالى في المضمر الأداة: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} 1، فشبه الليل باللباس، وذاك أنه يستر الناس بعضهم عن بعض لمن أراد هربًا من عدو، أو ثباتًا لعدو أو إخفاء ما لا يحب الاطلاع عليه من أمره.

وهذا من التشبيهات التي لم يأت بها إلا القرآن الكريم، فإن تشبيه الليل باللباس مما اختص به دون غيره من الكلام المنثور والمنظوم.

وكذلك قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} 2، فشبه المرأة باللباس للرجل، وشبه الرجل باللباس للمرأة.

ومن محاسن التشبيهات قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} 3، وهذا يكاد ينقله تناسبه عن درجة المجاز إلى الحقيقة، والحرث: هو الأرض التي تحرث للزرع، وكذلك الرحم يزدرع فيه الولد ازدراعًا كما يزدرع البذر في الأرض.

ومن هذا الأسلوب قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} 4، فشبه تبرأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015