ما ضر تغلب وائلٍ أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران1
فشبه هجاء جرير تغلب وائل ببوله في مجمع البحرين، فكما أن البول في مجمع البحرين لا يؤثر شيئًا، فكذلك هجاؤك هؤلاء القوم لا يؤثر شيئًا.
وهذا البيت من الأبيات الذي أقر لها2 الناس بالحسن.
وكذلك ورد قوله أيضًا3:
قوارص تأتيني وتحتقرونها ... وقد يملأ القطر الإناء فيفعم
فإنه شبه القوارص التي تأتيه محتقرة بالقطر الذي يملأ الإناء على صغر مقداره، يشير بذلك إلى أن الكثرة تجعل الصغير من الأمر كبيرًا.
وهذا الموضع يشكل على كثير من علماء البيان، ويخلطونه بالاستعارة، كقول البحتري في التعزية بولد4:
تعز فإن السيف يمضي وإن وهت ... حمائله عنه وخلاه قائمه
وهذا ليس من التشبيه، وإنما هو استعارة؛ لأن المستعار له مطوي الذكر، وهو المعزي، كأنه قال: تعز كالسيف يمضي وإن وهت حمائله، وخلاه قائمه.