اقسام المجاز عند الغزالي، واعتراضات ابن الأثير:

وكنت اطلعت في كتاب من مصنفات أبي حامد الغزالي1 -رحمه الله- ألفه في أصول الفقه، ووجدته قد ذكر "الحقيقة والمجاز"، وقسم المجاز إلى أربعة عشر قسمًا، وتلك الأربعة عشر إلى الثلاثة التي أشرت إليها، وهي: التوسع، والتشبيه، والاستعارة، ولا تخرج عنها، والتقسيم لا يصح في شيء من الأشياء إلا إذا اختص كل قسم من الأقسام بصفة لا يختص بها غيره، وإلا كان التقسيم لغوًا لا فائدة فيه.

وسأورد ما ذكره وأبين فساده.

فالقسم الأول من الأقسام التي ذكرها هو: ما جعل للشيء بسبب المشاركة في خاصة، كقولهم للشجاع: أسد، وللبليد: حمار، وهذا القسم داخل في الاستعارة، إن ذكر المنقول وحده، مثل أن يقول القائل: "رأيت أسدًا"، ومراده رجلًا شجاعًا، أو "رأيت حمارًا"، ومراده "رجلًا بليدًا"، وداخل في التشبيه المضمر الأداة، إن ذكر المنقول والمنقول إليه معًا، كقول القائل: زيد أسد: أي كالأسد، أو حمار: أي كالحمار.

القسم الثاني: تسمية الشيء باسم ما يئول إليه

كقوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} 2وإنما كان يعصر عنبًا.

وهذا القسم داخل في القسم الأول؛ لصفة المشابهة بين المنقول والمنقول إليه، وهو من باب "الاستعارة"، لا، بل أوغل في المشابهة من ذاك؛ لأن الخمر من العنب، وليس من الرجل، ولا الرجل من الأسد3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015