النسب أو إلى غير ذلك؛ انتقل1 قبحها فصار حسنًا، وحسنها صار قبحًا.
فمن ذلك لفظة "خود"2 فإنها عبارة عن المرأة الناعمة، وإذا نقلت إلى صيغة الفعل قيل "خَوَّدَ"3 على وزن "فَعَّلَ" بتشديد العين، ومعناها: أسرع، يقال: خوَّدَ البعير إذا أسرع؛ فهي على صيغة الاسم حسنة رائقة، وقد وردت في النظم والنثر كثيرًا، وإذا جاءت على صيغة الفعل لم تكن حسنة، كقول أبي تمامٍ4:
وإلى بني عبد الكريم تواهقت ... رتك النعام رَأَى الظلام فخوَّدَ5
وهذا يقال على أشباهه وأنظاره، إلّا أن هذه اللفظة التي هي "خَوْد" قد نقلت عن الحقيقة إلى المجاز، فخفَّ عنها ذلك القبح قليلًا؛ كقول بعض شعراء الحماسة6:
أقول لنفسي حين خَوَّدَ رألها ... رويدك لمَّا تُشْفِقِي حين مُشْفَق7
رويدك حتى تنظري عمَّ تنجلي ... غيابةُ هذا البارق المتألق8
والرأل: النعام، والمراد به ههنا: أن نفسه فرَّت وفزعت، وشبَّه ذلك بإسراع النعام في فراره وفزعه، ولما أورده على حكم المجاز خفَّ بعض القبح الذي على لفظة "خَوَّد"، وهذا يدرك بالذوق الصحيح، ولا خفاء بما بين اللفظة في إيرادها ههنا, وإيرادها في بيت أبي تمام؛ فإنها وردت في بيت أبي تمام قبيحة سمجة، ووردت ههنا بين بين.