ورأيت الغانمي قد ذكر في كتابه بابًا، وسماه: "رد الأعجاز على الصدور" خارجًا عن باب التجنيس، وهو ضرب منه، وقسم من جملة أقسامه، كالذي نحن بصدد ذكره ههنا، فممَّا روى الغانمي من الأمثلة في ذلك قول بعضهم:

ونشري بجميل الصنـ ... ـع ذكرًا على طيب النشر

ونفري بسيوف الهنـ ... ـد من أسرف في النَّفر

وبحري في شرى الحمد ... على شاكلة البحر

وكذلك قول بعضهم في الشيب:

يا بياضًا أذرى دموعي حتى ... عاد منها سواد عيني بياضا

وكذلك قول البحتري1:

وأغرّ في الزمن البهيم محجَّلٍ ... قد رحت منه على أغرِّ محجل

كالهيكل المبني إلّا أنه ... في الحسن جاء كصورةٍ في هيكل

وليس الأخذ على المعاني في ذلك مناقشة على الأسماء، وإنما المناقشة على أن ينصبَّ نفسه لإيراد علم البيان وتفصيل أبوابه، ويكون أحد الأبواب التي ذكرناها داخلًا في الآخر، فيذهب عليه ذلك، ويخفى عنه وهو أشهر من فلق الصباح.

وربما جهل بعض الناس، فأدخل في التجنيس ما ليس منه، نظرًا إلى مساواة اللفظ دون اختلاف المعنى, فمن ذلك قول أبي تمام2:

أظن الدمع في خدي سيبقي ... رسومًا من بكائي في الرسوم

وهذا ليس من التجنيس في شيء، إذا حدّ التجنيس هو اتفاق اللفظ واختلاف المعنى, وهذا البيت المشار إليه هو اتفاق اللفظ والمعنى معًا.

وهذا مما ينبغي أن ينبَّه عليه ليعرف.

ومن علماء البيان من جعل له اسمًا سمَّاه به، وهو "الترديد", أي: إن اللفظة الواحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015