الاستصعاب والامتناع بالتشديد عليهم، لئلَّا يقع إرهاق لمذعن، أو إهمال لطامع، وعلى المتولِّي لذلك أن يضع كلًّا من الأمرين موضعه، ويوقعه موقعه, متجنبًا إحلال الغلظة بمن لا يستحقها، وإعطاء الفسحة من ليس أهلها، والله تعالى يقول: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} .

وأمره أن يتخيَّر عماله على الخراج والأعشار والضياع والجهبذة والصَّدقات والجوالي من أهل الظلف2 والنزاهة، والضبط والصيانة، والجزالة والشهامة، وأن يستظهر مع ذلك عليهم بوصيةٍ تعيها أسماعهم، وعهود يقلدها أعناقهم، بألّا يضيعوا حقًّا، ولا يأكلوا سحتًا، ولا يستعملوا ظلمًا، ولا يفارقوا غشمًا3، وأن يقيموا العمارات، ويحتاطوا [على الغلات] 4, ويحترزوا من إتواء5 حقٍّ لازم، أو تعطيل رسمٍ عادل، مؤدِّين في جميع ذلك الأمانة، مجتنبين الخيانة، وأن يأخذوا جهابذتهم باستيفاء وزن المال على تمامه، واستجادة نقده على عياره، واستعمال الصحة في قبض ما يقبضوه، وإطلاق ما يطلقون، وأن يوعزوا إلى سعاة الصدقات في أخذ الفرائض من سائمة مواشي المسلمين دون عاملتها، وكذلك الواجب فيها، وألا يجمعوا فيها متفرقًا، ولا يفرِّقوا مجتمعًا، ولا يدخلوا فيها خارجًا عنها، ولا يضيفوا إليها ما ليس منها، من فحل إبل، وأكولة راع، أو عقيلة مال، فإذا اجتبوها على حقها، واستوفوها على رسمها، أخرجوها في سبيلها، وقسَّموها على أهلها الذين ذكرهم الله -عز وجل- في كتابه العزيز, إلّا المؤلفة قلوبهم الذين ذكرهم الله -عز وجل- في كتابه الكريم, وسقط سهمهم6، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015