جهنم يصلونها وبئس المهاد، وانقلب المسلمون وقد ملئوا الأغماد نصرًا، والصحائف أجرًا، والأيدي وقرًا، والقلوب جذلًا, والألسنة شكرًا، وكان ذلك اليوم في الأيام علمًا، وفي الأقسام قسمًا، ولم يره الزمان منسوبًا إليه, ولا راجع شبابًا بعد أن ناهز هرمًا".

في هذا الفصل شيء من معاني الشعر، وذلك من قول أبي الطيب المتنبي1:

أتاهم بأوسع من أرضهم ... طوال السبَّيب قصار العُسُبْ2

تغيب الشَّواهق في جيشه ... وتبدو صغارًا إذا لم تغب

ولا تعبر الريح في جوه ... إذا لم تخطَّ القنا أو تثب

ومن قوله أيضًا3:

في جحفلٍ ستر العيون غباره ... فكأنما يُبْصِرْنَ بالآذان

ومن ذلك ما ذكرته في الإنجاد وإجابة الصريخ، وهو:

إذا استُصْرِخَ أَصْرَخَ بعزمٍ غذته صحبة الجيش عن لذة العيش، فهو يستعذب حر الثغور على برد الثُّغور، ويلهو بالبيض الذكور عن بيض الخدور، ولا طيب عنده إلّا ريح العجاج، ولا عناق إلّا أطراف الزجاج، ولا أرب له في الرقاد إلّا على صهوات الجياد، فعسكر قلبه أمضى في الوغى من عسكر، ونجدة بأسه تأبَى لقاء الأقران في درع أو مغفر4. وهذه المعاني مأخوذة من أبيات الحماسة، ومن شعر مسلم بن الوليد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015