بِطَرِيقِهَا إلَى بَابِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ طَرِيقًا مَعْلُومًا لَهَا مِنْ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِحَّ الشِّرَاءُ ثُمَّ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ تَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الطَّرِيقَ فِي الشِّرَاءِ فَسَدَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ قَبَضَهَا كَانَ الرَّدُّ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ مَا لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ صَحِيحًا فَشَرَطَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الطَّرِيقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْوَكَالَةِ]

(قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لَهُ بِعَيْنِهَا بِكَذَا دِرْهَمًا فَلَمَّا رَآهَا الْوَكِيلُ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِلْآمِرِ، وَإِنْ نَوَى الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فِيمَا بَاشَرَهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ فِي مُوَافَقَةِ أَمْرِ الْآمِرِ، فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِدَنَانِيرَ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ الْآمِرِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعْدَ قَبُولِ الْوَكَالَةِ تَامُّ الْوِلَايَةِ فِي تَصَرُّفِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ لِمَا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُهُ عَلَى الْآمِرِ، وَلَا يَكُونُ آثِمًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْوَكَالَةِ لَا يُلْزِمُهُ الشِّرَاءَ لِلْآمِرِ لَا مَحَالَةَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْوَكَالَةَ، وَأَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الشِّرَاءِ أَصْلًا، وَلَا يَكُونُ آثِمًا فِي اكْتِسَابِهِ هَذِهِ الْحِيلَةَ لِيَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ، وَلَا يُقَالُ: إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ فَفِي حِصَّةِ مَا سَمَّى لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ جَمِيعِهَا بِالْمُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ لَا بِشِرَاءِ بَعْضِهَا وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْجَارِيَةِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَهَا لِلْآمِرِ، فَإِنَّ مَقْصُودَ الْأَمْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ، وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا، فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ نَوَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالشِّرَاءِ فَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ، فَإِنْ أَمَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَفِعْلِ الْأَوَّلِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ بِمُطْلَقِ التَّوْكِيلِ يَنْفُذُ هَذَا التَّصَرُّفُ عَلَى الْآمِرِ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015