أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً قَالَ: لِأَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ دُونَ مُدَّةِ الْحَبَلِ عَادَةً وَأَدْنَى مُدَّةِ الْحَبَلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَدَّرْنَا أَكْثَرَ مُدَّةِ الطُّهْرِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً فَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةِ عَشَرَ شَهْرًا وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ، وَهَذِهِ الْحَيْضَةُ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ فَتَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً وَثَلَاثِ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَكَانَ الزَّعْفَرَانِيُّ يَقُولُ: أَكْثَرُ الطُّهْرِ يَتَقَدَّرُ فِي حَقِّهَا بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ فَبَقِيَ الطُّهْرُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ الْغَزَالِيُّ يَقُولُ: بِأَنَّهُ يَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ الطُّهْرِ فِي حَقِّهَا بِشَهْرَيْنِ فَقَدْ لَا تَرَى الْمَرْأَةُ الْحَيْضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَادَةً.

وَمِنْ الدِّمَاءِ الْفَاسِدَةِ مَا جَاوَزَ أَكْثَرَ مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ فَعِنْدَنَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سِتُّونَ يَوْمًا، وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَبْعُونَ يَوْمًا، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا بِالْأَرْبَعِينَ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَقْعُدُ النُّفَسَاءُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إلَّا أَنْ تَرَى طُهْرًا قَبْلَ ذَلِكَ» وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا إلَّا أَنْ تَرَى طُهْرًا قَبْلَ ذَلِكَ» وَفِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتِّفَاقٌ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ إلَّا أَنَّ عِنْدَهُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ سِتُّونَ يَوْمًا وَعِنْدَنَا أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ فَأَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.

وَمِنْ الدِّمَاءِ الْفَاسِدَةِ مَا تَرَاهُ الْحَامِلُ فَقَدْ ثَبَتَ لَنَا أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَعُرِفَ أَنَّهَا إذَا حَبِلَتْ انْسَدَّ فَمُ رَحِمِهَا فَالدَّمُ الْمَرْئِيُّ لَيْسَ مِنْ الرَّحِمِ فَيَكُونُ فَاسِدًا.

وَمِنْ الدِّمَاءِ الْفَاسِدَةِ مَا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ أَوَانَهُ فَلَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ إذْ لَوْ جَعَلْنَاهُ حَيْضًا حَكَمْنَا بِبُلُوغِهَا بِهِ ضَرُورَةً، وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي الصَّغِيرَةِ جِدًّا وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي أَدْنَى الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ الْحُكْمُ فِيهَا بِبُلُوغِ الصَّغِيرَةِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَدِّرُ ذَلِكَ بِتِسْعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنَى بِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَنَى بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَكَانَ لِأَبِي مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ ابْنَةٌ صَارَتْ جَدَّةً، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعَةَ عَشَرَةَ سَنَةً حَتَّى قَالَ: فَضَحَتْنَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِسَبْعِ سِنِينَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا» وَالْأَمْرُ حَقِيقَةً لِلْوُجُوبِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ابْنَةِ سِتِّ سِنِينَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ هَلْ يَكُونُ حَيْضًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إذَا تَمَادَى بِهَا مُدَّةَ الْحَيْضِ وَلَمْ يَكُنْ نُزُولُهُ لِآفَةٍ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الدَّمِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ نَادِرٌ وَلَا حُكْمَ لِلنَّادِرِ.

وَمِنْ الدِّمَاءِ الْفَاسِدَةِ مَا تَرَاهُ الْكَبِيرَةُ جِدًّا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْعَجُوزَ الْكَبِيرَةَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ مُدَّةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015