يَثْبُتْ بِحُدُودِهَا وَأَرْضِهَا كَمَا فِي الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ: لِأَنَّ النَّصِيبَ مُذَكَّرٌ فَلَمَّا أَضَفْته إلَيْهِ ذَكَّرْته، وَإِنْ كَتَبَ بِحُدُودِهَا أَرْضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ الْإِضَافَةَ إلَى الدَّارِ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَالْأَوَّلُ أَحَبُّهُمَا إلَيَّ وَأَوْضَحُهُمَا فَإِنَّ الْمُشْتَرَى النَّصِيبُ دُونَ الدَّارِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِبَيَانِ الْمُشْتَرِي وَحُقُوقِهِ.

وَإِذَا اشْتَرَى مَنْزِلًا فِي دَارٍ وَفَوْقَهُ مَنْزِلٌ وَاشْتُرِطَ كُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهُ، وَكَانَ الْعُلْوُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ السُّفْلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ كُلِّ حَقٍّ فِي الْمَنْزِلِ اشْتِرَاطُ الْعُلْوِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْعُلْوَ أَيْضًا، فَإِذَا ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْعُلْوِ فَقَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهُ، وَإِذَا اشْتَرَى الْبَيْتَ سَوَاءٌ ذَكَرَ كُلَّ حَقٍّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْعُلْوَ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِي السُّفْلِ، وَفِي الدَّارِ سَوَاءٌ ذَكَرَ كُلَّ حَقٍّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ إذَا اسْتَحَقَّ الْعُلْوَ أَوْ بَعْضَهُ يُخَيَّرُ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ بِمُطْلَقِ اسْمِ الدَّارِ.

وَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ طَرِيقٌ خَاصٌّ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَمَنَعَ صَاحِبُ تِلْكَ الدَّارِ الطَّرِيقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ، فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ لَهُ اسْتِحْقَاقُ الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ كَانَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ عَجَزَ الْبَائِعُ عَنْ إقَامَةِ حَقِّ الْبَيِّنَةِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ دَارٍ أُخْرَى لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْبَائِعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّرِيقُ، وَغَيْرُ الطَّرِيقِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى الطَّرِيقُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ لِلْمُشْتَرِي مَا هُوَ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ لِغَيْرِهِ، فَحِينَئِذٍ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ فِي النَّاسِ عَيْبًا وَيَنْتَقِصُ - بِاعْتِبَارِهِ - الثَّمَنُ.

فَإِنْ اشْتَرَى بَيْتَ سُفْلٍ فِي دَارٍ لَيْسَ لَهُ عُلْوٌ كَتَبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِي الدَّارِ - الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ - أَحَدُ حُدُودِ هَذَا الْبَيْتِ فَيَذْكُرُ حُدُودَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ فِي الدَّارِ كَمَا أَنَّ الدَّارَ فِي الْمَحَلَّةِ فَكَمَا أَنَّ فِي شِرَاءِ الدَّارِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْمَحَلَّةَ فَفِي شِرَاءِ الْبَيْتِ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الْبَيْتُ، وَإِعْلَامُهَا بِذِكْرِ حُدُودِهَا ثُمَّ الْعَقْدُ يَتَنَاوَلُ بُقْعَةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّارِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّنُ بَيْنَهُمَا الْمُنَازَعَةُ وَإِعْلَامُهُ بِذِكْرِ حُدُودِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي حَدَّدْنَا فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا بِحُدُودِهِ كُلِّهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَطَرِيقِهِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى بَيْتٌ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ فَيَقُولُ بِحُدُودِهِ كُلِّهِ وَيَذْكُرُ طَرِيقَهُ فِي سَاحَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ بِالذِّكْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015