حَدَّيْنِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ إنَّهُ أَخْطَأَ فِي سَبْعِ مَوَاضِعَ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَنَى الْحُكْمَ عَلَى إقْرَارِ الْمَعْتُوهَةِ وَإِقْرَارُهَا هَدَرٌ وَأَلْزَمَهَا الْحَدَّ وَالْمَعْتُوهَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ وَأَقَامَ عَلَيْهَا حَدَّيْنِ وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً لَا يُقَامُ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ وَأَقَامَ حَدَّيْنِ مَعًا وَمَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَّانِ لَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ يَضْرِبُ أَحَدَهُمَا ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُقَامُ الْآخَرُ وَأَقَامَ الْحَدَّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ فِي الْمَسْجِدِ وَضَرَبَهَا قَائِمَةً وَإِنَّمَا تُضْرَبُ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةً وَضَرَبَهَا لَا بِحَضْرَةِ وَلِيِّهَا وَإِنَّمَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ وَلِيِّهَا حَتَّى إذَا انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهَا فِي اضْطِرَابِهَا سَتَرَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَانْتَشَرَ بِالْكُوفَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي سَبْعِ مَوَاضِعَ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هِيَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ نَفَى حَاجَتَهُ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ إذَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا دَامَتْ مُحَلَّلَةً فِي حَقِّهِ فَلَهُ فِيهَا حَاجَةٌ طَبْعًا أَوْ شَرْعًا لِأَنَّ النِّسَاءَ خُلِقْنَ لِحَوَائِجِ الرِّجَالِ إلَيْهِنَّ فَكَانَ هَذَا وَقَوْلُهُ أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ سَوَاءً.
وَلَكِنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أَشْتَهِيكِ وَلَا أُرِيدُكِ وَلَا أَهْوَاكِ وَلَا أُحِبُّكِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ، وَالنِّيَّةُ مَتَى تَجَرَّدَتْ عَنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَانَ بَاطِلًا وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرْغَبْهَا رَغْبَةً فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إلَى النِّسَاءِ» الْحَدِيثَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا كَانَ الطَّلَاقُ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ لَفْظِهِ ذَلِكَ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ غَائِبٌ لَا يَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ أَوْ فُلَانٌ مَيِّتٌ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَشِيئَةُ فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَبْقَى أَصْلُ الْإِيقَاعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَكِنَّا نَقُولُ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ لَا يَكُونُ لَهُ تَحْقِيقًا لِلنَّفْيِ فَيَخْرُجُ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا وَهَذَا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ يُخْرِجُ كَلَامَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا إلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ يُخْرِجُ كَلَامَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا إلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَإِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ يَخْرُجُ كَلَامَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا أَصْلًا.
وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَقَالَ مَوْلَاهُ طَلِّقْهَا فَهَذَا لَا يَكُونُ إجَازَةً لِلنِّكَاحِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى هُوَ إجَازَةٌ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَكِنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ طَلِّقْهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فَارِقْهَا أَوْ دَعْهَا أَوْ اُتْرُكْهَا أَوْ خَلِّ سَبِيلَهَا وَشَيْءٌ مِنْ هَذَا لَا يَكُونُ إجَازَةً لِلنِّكَاحِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْإِطْلَاقِ الْإِرْسَالِ وَفِي إجَازَةِ النِّكَاحِ إثْبَاتُ الْقَيْدِ فَالْأَمْرُ بِالْإِرْسَالِ لَا