وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً فَإِنَّهَا مَا دَامَتْ رَطْبَةً تُؤْكَلُ وَبَعْدَ الْيُبْسِ تُغْلَى فَتُؤْكَلُ وَتُقْلَى فَتُؤْكَلُ.
(قَالَ): وَلَوْ أَكَلَ طِينًا أَرْمَنِيًّا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَارِيقُونَ يُتَدَاوَى بِهِ قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ: فَقُلْت: لَهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ هَذَا الطِّينِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ أَحَدًا يَأْكُلُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِي الطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ أَيْضًا إذَا أَكَلَهُ كَمَا هُوَ إلَّا أَنْ يُسَوِّيَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ
(قَالَ): وَمَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَالشَّهْرُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَقَضَى شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقَضَاءِ إكْمَالُ الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ
(قَالَ): وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَبِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَشَرْطٌ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَالطَّحَاوِيُّ يَقُول: عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ قِيلَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدْلًا فِي الْبَاطِنِ وَقِيلَ إنَّمَا لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّوْمِ مَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَخَبَرِ الْفَاسِقِ فِي بَابِ الدِّينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(قَالَ): وَأَمَّا عَلَى الْفِطْرِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَأَشَارَ فِي بَعْضِ النَّوَادِرِ إلَى الْفَرْقِ فَقَالَ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ هُوَ الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَةِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيهِ مَقْبُولٌ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ بِإِسْلَامِ رَجُلٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ الْخُرُوجُ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رِدَّةِ الْمُسْلِمِ، وَأَشَارَ هُنَا إلَى فَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلنَّاسِ وَهُوَ التَّرَخُّصُ بِالْفِطْرِ فَيَكُونُ هَذَا نَظِيرَ الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ مَحْضُ حَقِّ الشَّرْعِ، وَهُوَ الصَّوْمُ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ فَلِهَذَا يُكْتَفَى فِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَصُومُونَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا يُفْطِرُونَ إذَا لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ، وَإِنْ أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِدُونِ التَّيَقُّنِ بِانْسِلَاخِ رَمَضَانَ لِلْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ فَأَمَّا ابْنُ سِمَاعَةَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُمْ يُفْطِرُونَ إذَا أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ صَوْمَ الْفَرْضِ فِي رَمَضَانَ لَا يَكُونُ