لِسِهَامِ حَقِّهِ الْوَرَثَةَ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَالْمُدَبِّرَ الْبَاقِيَ بِثَلَاثَةٍ، وَالْقِنَّ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَالْمَالُ رَقَبَتَانِ كُلُّ رَقَبَةٍ عَلَى تِسْعَةٍ، فَقَدْ سَلِمَ لِلْمُدَبِّرِ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ الثُّلُثُ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَيَسْلَمُ لَلْقِنِّ سَهْمٌ، وَهُوَ تُسْعُ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةِ أَتْسَاعِ قِيمَتِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْمُدَبِّرِ الْمَيِّتِ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْحَيِّ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدَانِ فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ السَّيِّدِ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْهُمَا يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الْمَوْلَى يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُزَاحِمًا لِلْآخَرِ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ وَالطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي الْقَائِمِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا يَسْعَى الْبَاقِي فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ يَشِيعُ فِيهِمَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ، فَصَارَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْآخَرُ فِي رَقَبَتِهِ بِسَهْمٍ، وَالْوَرَثَةُ؛ فَلِهَذَا يَسْلَمُ لَهُ خُمْسُ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): الْأَصْلُ فِي مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ بِالْأَجَلِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ بِمَنْزِلَةِ تَبَرُّعِهِ بِأَصْلِ الْمَالِ بِالْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ الْمَالِ عِنْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ بِسَبَبِ الْأَجَلِ، كَمَا تَقَعُ الْحَيْلُولَةُ بِسَبَبِ الْهِبَةِ، وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَتَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِالتَّأْجِيلِ بَاطِلٌ كَتَصَرُّفِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَأَصْلُ إجْرَائِهِ إذَا جَمَعَ فِي تَبَرُّعِهِ بَيْنَ الْمَالِ، وَالْأَجَلِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ التَّبَرُّعُ بِأَصْلِ الْمَالِ حَتَّى إذَا اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ تَبَرُّعٌ مِنْ حَيْثُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْمَالِ، وَالْمُحَابَاةُ تَبَرُّعٌ بِأَصْلِ الْمَالِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّبَرُّعَ بِأَصْلِ الْمَالِ أَقْوَى وَلَا مُزَاحَمَةَ بَيْنَ الضَّعِيفِ، وَالْقَوِيِّ فِي الثُّلُثِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: إذَا سَلَّمَ الْمَرِيضُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةِ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ إلَى رَجُلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ، وَالطَّعَامُ يُسَاوِي مِائَةً، فَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ عَجَّلَ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ، فَكَانَ الثُّلُثُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُؤَخِّرُوا عَنْهُ الطَّعَامَ إلَى أَجَلِهِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ كَانَ بِالْأَجَلِ، فَإِنَّمَا صَحَّ فِي ثُلُثِ مَالِهِ، وَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ