فَبَرِئَا، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ مَوْلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَ عَبْدَهُ وَأَخَذَ عَبْدَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ عَبْدَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَ هُوَ الْقَاطِعَ لِيَدِ الْعَبْدِ فَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدَيْنِ.
وَلَوْ أَنَّ أَمَةً قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقَتَلَهَا وَلَدُهَا خَطَأً، فَإِنَّ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْوَلَدَ إلَى الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ وَأَيَّهُمَا فَعَلَ خُيِّرَ مَوْلَى الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ بَيْنَ دَفْعِ الْأَقَلِّ مِنْ دِيَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ كَانَ ثَابِتًا فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدُ مَا انْفَصَلَ عَنْهَا، بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ آخَرَ جَنَى عَلَيْهَا فَتُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ لِحَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ وَيُخَيَّرُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ إنَّ عَبْدَ الرَّجُلِ قَطَعَ يَدَ هَذَا الْعَبْدِ خَطَأً فَبَرِآ فَمَوْلَى الْقَاطِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ عَبْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ وَأَيَّهُمَا فَعَلَ خُيِّرَ مَوْلَى الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَ عَبْدَهُ وَمَا أَخَذَ بِجِنَايَتِهِ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ كَانَ صَحِيحًا حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ فَحَقُّ وَلِيِّهِ كَانَ ثَابِتًا فِي الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْهُ بِقَطْعِ الْعَبْدِ يَدَهُ إلَى بَدَلٍ فَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي بَدَلِهِ أَيْضًا، فَإِذَا اخْتَارَ دَفْعَهُ فَعَلَيْهِ دَفْعُ بَدَلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا اخْتِيَارًا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا اُسْتُحِقَّتْ بِجِنَايَتِهِ وَأَحَدُهُمَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْآخَرِ فَكَانَ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ جِنَايَتُهُمَا عَلَى شَخْصَيْنِ سَوَاءٌ فَلَا يَكُونُ إعْتَاقُهُ أَحَدِهِمَا اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ دَفْعُ الْآخَرِ بِجِنَايَتِهِ بِسَبَبِ هَذَا الْإِعْتَاقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ الْمَوْلَى لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ بِالْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ جِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ اخْتِيَارُهُ فِي الْبَعْضِ يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي الْكُلِّ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ عَبْدِهِ فِي قَوْلِهِمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ، فَإِنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَ بِتَسْلِيمِ الْجُثَّةِ، وَلَوْ مَنَعَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَكَذَلِكَ إذَا فَوَّتَهُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْجُثَّةِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ إذَا فَوَّتَ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ.
أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهَا فَقَتَلَتْ أَحَدَ الْمَوْلَيَيْنِ خَطَأً فَعَلَيْهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى مَوْلَاهَا كَجِنَايَتِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَقَدْ جَنَتْ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَعَلَيْهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ قَتَلَتْ الْآخَرَ بَعْدَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ حِينَ قَتَلَتْ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ لَزِمَهَا السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَالْمُسْتَسْعَى حُرٌّ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا سِعَايَةَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا فَعَرَفْنَا أَنَّهَا قَتَلَتْ الْآخَرَ مِنْهُمَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَعَلَيْهَا الدِّيَةُ وَعَلَيْهَا كَفَّارَتَانِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالْقَتْلِ تَجِبُ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ كَمَا