فَتَكُونُ الْقِيمَةُ قِصَاصًا بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْعَقْدُ الثَّانِي مُوجِبًا حُكْمًا فِي الْمِلْكِ وَالضَّمَانِ غَيْرِ الْحُكْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا آخَرَ سِوَى مَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي حَقِّ الْمِلْكِ وَالضَّمَانِ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي وَكَّلَ إنْسَانًا بِشِرَائِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لَهُ فَفَعَلَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ وَالضَّمَانِ لَا يُوجِبُ إلَّا مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ بِشِرَاءِ الْوَكِيلِ يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ وَبِقَبْضِ الْوَكِيلِ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَائِهَا لَهُ فَهَذَا وَشِرَاءُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَإِذَا قَتَلَهَا الْمَأْذُونُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِتْلَافِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لَهَا وَزِيَادَةً.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْإِتْلَافِ يَصِيرُ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَوَقَعَتْ الْجَارِيَةُ فِيهَا أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ مِنْ حَفْرِهِ فَهُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِالْحَفْرِ صَارَ جَانِيًا عَلَى الْوَاقِعِ فِي بِئْرِهِ عِنْدَ الْوُقُوعِ حُكْمًا فَكَأَنَّهُ حَفَرَ بِيَدِهِ وَالْبَائِعُ إذَا أَتْلَفَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ عَيَّبَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ هَهُنَا مُسْتَحَقٌّ كَالْقَبْضِ هُنَا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ التَّعْيِيبِ بَطَلَ حُكْمُ اسْتِرْدَادِهِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ بِمَنْعِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَبْطُلُ حُكْمُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بِمَنْعِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَا عَيَّبَهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ فَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا لِفَسَادِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْعَبْدِ وَكَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَكُونُ هُوَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِيمَا فَعَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَجِبُ ضَمَانُ الْقِيمَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا حَدَثَ الْمَوْتُ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ كَانَ حَدَثَ الْعَيْبُ مِنْ فِعْلِهِ وَالْمَوْتُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا بِسَبَبِ الْقَبْضِ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي مَالِهِ حَالًّا؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَصَلَ بِجِنَايَةِ الْمَوْلَى فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمَمَالِيكِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا وَإِنْ وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَأْذُونُ فِي دَارِ مِنْ تِجَارَتِهِ فَمَاتَتْ أَوْ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَوْلَى فِي مِلْكِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ جَانِيًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِتْلَافُ مُضَافًا إلَيْهِ إذَا