فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً فَهِيَ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً وَإِذَا لَمْ يَتَمَلَّكْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْخُطَّةِ ثُمَّ الْإِمَامُ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَلَا نَقُولُ الْإِمَامُ يُمَلِّكُهُ الْكَنْزَ بِالْقِسْمَةِ بَلْ يَقْطَعُ مُزَاحِمَةَ سَائِرِ الْغَانِمِينَ عَنْ تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَيُقَرِّرُ يَدَهُ فِيهَا وَتَقَرُّرُ يَدِهِ فِي الْمَحِلِّ يُوجِبُ ثُبُوتَ يَدِهِ عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَحِلِّ فَصَارَ مَمْلُوكًا لَهُ بِالْحِيَازَةِ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ
(قَالَ): مُسْلِمٌ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَوَجَدَ رِكَازًا فَإِنْ كَانَ وَجَدَهُ فِي دَارِ بَعْضِهِمْ رَدَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الدَّارِ فِي يَدِ صَاحِبِ الدَّارِ وَهُوَ قَدْ ضَمِنَ بِعَقْدِ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَخُونَهُمْ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَلَا يَكُونُ هُوَ فِي أَخْذِهِ غَادِرًا بِهِمْ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ، وَلَيْسَ فِيهِ خُمُسٌ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ فِيمَا كَانَ وُقُوعُهُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْمَعْدِنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ فَهُوَ لَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ خُمُسٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: فِيهِ الْخُمُسُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الْمَوْجُودِ فِي الْأَرْضِ وَالدَّارِ وَجْهَ قَوْلِهِمَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اسْمَ الرِّكَازِ يَتَنَاوَلُ الْمَعْدِنَ، ثُمَّ قَاسَهُ بِالْمَوْجُودِ فِي الْفَلَاةِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ مَالٌ نَفِيسٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَقَدْ كَانَتْ عَزُوفَةً فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الْمَعْدِنَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ مِلْكِهِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ مَمْلُوكَةٌ لَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا فَكَذَلِكَ هَذَا الْجُزْءُ بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ فِي الْفَلَاةِ وَبِخِلَافِ الْكَنْزِ، وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يُسَوَّى بَيْنَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ - أَنَّ الدَّارَ مُلِّكَتْ بِشَرْطٍ قَطَعَ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يَجِبُ فِيهَا خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ إذَا كَانَ فِيهَا نَخِيلٌ يُخْرِجُ أَكَرَّارًا مِنْ تَمْرٍ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ يَقُولُ فِي الْأَرْضِ يَجِبُ الْخُمُسُ فِي الْمَعْدِنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَا مُلِّكَتْ بِشَرْطٍ قَطَعَ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْخَرَاجُ أَوْ الْعُشْرُ فَكَذَلِكَ الْخُمُسُ فِيمَا يُوجَدُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى
(قَالَ): حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَأَصَابَ كَنْزًا أَوْ مَعْدِنًا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْغَنِيمَةِ وَلَا حَقَّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ رَضْخًا وَلَا سَهْمًا بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ فِي الْمَعْدِنِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ
لِمَصْلَحَةِ
رَأَى فِيهِ لِصَارِفِ الْخُمُسِ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَ لَهُ، أَلَا تَرَى