تَنْصِيصِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الذُّرْعَانِ فِي الدَّارِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا يُخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ زِيَادَةٌ فِي ثَمَنِ الْقَلْبِ لَمْ يَرْضَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ تَفَرَّقَا جَازَ لَهُ نِصْفُ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ مَا قَبَضَ إلَّا ثَمَنَ نِصْفِ الْقَلْبِ، فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْقَلْبَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَنَقَدَ فِي الْمَجْلِسِ عَشَرَةً، وَلِهَذَا لَا يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ بِفِعْلِهِ، وَهِيَ الْمُفَارَقَةُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ فَهُوَ كُلُّهُ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُنَا بِمُقَابَلَةِ عَيْنِ الْقَلْبِ، وَالْوَزْنُ فِي الْقَلْبِ صِفَةٌ فَإِنَّ الْقَلْبَ مِمَّا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، وَفِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ الْوَزْنُ صِفَةٌ، فَإِنَّ بِاخْتِلَافِ الْوَزْنِ تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ فَيَكُونُ أَثْقَلَ، أَوْ أَخَفَّ، وَلَكِنْ لَا يَتَبَدَّلُ اسْمُ الْعَيْنِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: كُلُّ دِرْهَمٍ بِعُشْرِ دِينَارٍ، أَخَذَهُ بِدِينَارَيْنِ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَعْقَبَ مِنْهُمْ كَلَامَهُ تَفْسِيرًا فَيَكُونُ الْحُكْمُ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ، وَيَصِيرُ بَائِعًا كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْ الْقَلْبِ بِعُشْرِ دِينَارٍ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْقَلْبُ أَنْقُصَ وَزْنًا فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَثُبُوتُ الْجَوَازِ هُنَا، وَإِنْ انْتَقَصَ عَنْهُ الثَّمَنُ لَتَغَيَّرَ شَرْطُ عَقْدِهِ، وَقَدْ يَرْغَبُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ، وَلَا يَرْغَبُ فِيمَا إذَا كَانَ وَزْنُهُ خَمْسَةُ مَثَاقِيلَ.

وَلَوْ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةٌ، وَثَوْبًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَنَقَدَهُ مِنْهَا عَشَرَةً، وَقَالَ: نِصْفُهَا مِنْ ثَمَنِ الْقَلْبِ، وَنِصْفُهَا مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ، وَتَفَرَّقَا، انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الْمَنْقُودِ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَنْقُودِ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ جُعِلَ مِنْ ثَمَنِهِ خَاصَّةً، فَكَذَلِكَ نِصْفُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: الْمَنْقُودُ مِنْ ثَمَنِهِمَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ كُلُّهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَقِيَ فِيهِ بَعْضُ الِاحْتِمَالِ فَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى شَيْئَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي - قَوْله تَعَالَى -: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ، وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22]، - وقَوْله تَعَالَى -: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ،} [الأنعام: 130] أَمَّا هُنَا بَعْدَ التَّصْرِيحِ عَلَى التَّنْصِيفِ لَا يَبْقَى احْتِمَالُ جَعْلِ الْكُلِّ بِمُقَابَلَةِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا فِي السَّيْفِ إذَا سُمِّيَ فَقَالَ: نِصْفُهَا مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ، وَنِصْفُهَا مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، ثُمَّ تَفَرَّقَا لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْكُلَّ بِمُقَابَلَةِ السَّيْفِ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْرِيحُهُ: إمَّا؛ لِأَنَّ السَّيْفَ مَعَ الْحِلْيَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَتَصْرِيحُهُ عَلَى أَنَّ الْمَنْقُودَ عُوِّضَ جَانِبٌ مِنْهُ دُونَ جَانِبٍ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ، أَوْ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ لَا يَسْلَمُ لَهُ بِالطَّرِيقِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ فِي السَّيْفِ بِبُطْلَانِهِ فِي الْحِلْيَةِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنْ قَصْدَهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ الْمَقْبُوضُ لِلْقَابِضِ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ الْحِلْيَةِ.

وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُكَ السَّيْفَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَخَمْسِينَ نَقْدًا مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، وَالْحِلْيَةِ، وَخَمْسِينَ نَسِيئَةٍ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، وَالْحِلْيَةِ، ثُمَّ تَفَرَّقَا، كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْأَجَلِ فِي بَعْضِ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَالسَّيْفُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْقَلْبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015