نُزُولِهِ جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَا نَزَلَ وَرَكِبَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّيهَا بِالْإِيمَاءِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ
(قَالَ) وَمَنْ تَلَاهَا مَاشِيًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُومِئَ لَهَا لِأَنَّ السَّجْدَةَ رُكْنُ الصَّلَاةِ فَكَمَا لَا يُصَلِّي الْمَاشِي بِالْإِيمَاءِ فَكَذَلِكَ لَا يَسْجُدُ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ
(قَالَ) وَإِذَا قَرَأَهَا فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي آخِرِ السُّورَةِ إلَّا آيَاتٍ بَقِينَ بَعْدَهَا فَإِنْ شَاءَ رَكَعَ وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ لَهَا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنَّهُ كَانَ إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ رَكَعَ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالرُّكُوعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالسُّجُودِ. وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي أَنَّ الرُّكُوعَ يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَمْ السُّجُودُ بَعْدَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الرُّكُوعُ أَقْرَبُ إلَى مَوْضِعِ التِّلَاوَةِ فَهُوَ الَّذِي يَنُوبُ عَنْهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ سَجْدَةَ الصَّلَاةِ تَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّ الْمُجَانَسَةَ بَيْنَهُمَا أَظْهَرُ وَلِأَنَّ الرُّكُوعَ افْتِتَاحٌ لِلسُّجُودِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الرُّكُوعُ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ السُّجُودِ وَإِنَّمَا يَنُوبُ مَا هُوَ الْأَصْلُ.
(قَالَ) فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا خَتَمَ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ وَنَوَى هَكَذَا فَسَّرَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا سَجَدَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ آيَةِ السَّجْدَةِ ثُمَّ يَقُومَ فَيَتْلُوَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ وَصَلَ إلَيْهَا سُورَةً أُخْرَى فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ خَاتِمَةِ السُّورَةِ دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ فَالْأَوْلَى إذَا قَامَ مِنْ سُجُودِهِ أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ لِكَيْ لَا يَكُونَ بَانِيًا لِلرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ
(قَالَ) وَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ عِنْدَ خَتْمِ السُّورَةِ فَإِنْ رَكَعَ لَهَا فَحَسَنٌ وَإِنْ سَجَدَ لَهَا ثُمَّ قَامَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى ثُمَّ يَرْكَعَ لِكَيْ لَا يَكُونَ بَانِيًا لِلرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ (قَالَ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَكِنَّهُ كَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَكَعَ أَجْزَأَهُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ فِي وَسَطِ السُّورَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لَهَا ثُمَّ يَقُومَ فَيَقْرَأَ مَا بَقِيَ ثُمَّ يَرْكَعَ وَإِنْ رَكَعَ فِي مَوْضِعِ السَّجْدَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ خَتَمَ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ عَنْ السَّجْدَةِ نَوَاهَا أَوْ لَمْ يَنْوِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الْأَدَاءِ فَلَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَكَعَ عِنْدَهَا فَإِنَّهَا مَا صَارَتْ دَيْنًا بَعْدُ لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ خَاتِمَةِ السُّورَةِ فَإِنَّهَا مَا صَارَتْ دَيْنًا بَعْدُ حِينَ لَمْ يَقْرَأْ بَعْدَهَا مَا يُتِمُّ بِهِ سُنَّةَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ الْإِحْرَامُ فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ وَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ نَابَ عَمَّا يَلْزَمُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ أَيْضًا وَإِنْ تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَمَّا لَزِمَهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ بِتَحَوُّلِ السَّنَةِ (قَالَ) فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِالسَّجْدَةِ بِعَيْنِهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّ الرَّكْعَةَ وَالسَّجْدَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَبِالْقِيَاسِ