: وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ سَجْدَةٌ قَرَأَتْ أَوْ سَمِعَتْ لِأَنَّ السَّجْدَةَ رُكْنٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْحَائِضُ لَا تَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ مَعَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ وَهُوَ شُهُودُ الْوَقْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا السَّجْدَةُ أَيْضًا بِخِلَافِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ بِسَبَبِ الْوَقْتِ فَتَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ بِالتِّلَاوَةِ أَوْ السَّمَاعِ
(قَالَ) وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ التَّالِي إذَا تَلَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَفِي حَقِّ السَّامِعِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهِمَ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ بِالْقِرَاءَةِ الْفَارِسِيَّةِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ السَّامِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّجْدَةِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَكِنْ يُعْذَرُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ
(قَالَ): وَإِنْ قَرَأَهَا وَمَعَهُ قَوْمٌ فَسَمِعُوهَا سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ وَلَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّالِيَ إمَامُ السَّامِعِينَ هَكَذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلتَّالِي كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا مَعَك فَكَانُوا فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِينَ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ قَبْلَهُ لِهَذَا وَإِنْ فَعَلُوا أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ فَسَادُ سَجْدَتِهِ بِسَبَبٍ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِمْ
(قَالَ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَةِ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ سَمَاعِهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَكْثَرُ مِنْ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ فَيَقْرَأُ آيَةَ السَّجْدَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَقْرَؤُهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَا يَسْجُدُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلِأَنَّ مَبْنَى السَّجْدَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ فَإِنَّ التِّلَاوَةَ مِنْ الْأَصَمِّ وَالسَّمَاعَ مِنْ السَّمِيعِ مُوجِبَانِ لَهَا ثُمَّ لَوْ تَلَاهَا سَمِيعٌ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ لِأَنَّ السَّبَبَ وَاحِدٌ وَهُوَ حُرْمَةُ الْمَتْلُوُّ فَالْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ تَكْرَارٌ مَحْضٌ بِسَبَبِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فَلَا يَتَجَدَّدُ بِهِ الْمُسَبِّبُ وَهَذَا الْحَرْفُ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَوْ تَلَاهَا وَسَجَدَ ثُمَّ تَلَاهَا فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أُخْرَى وَالتَّدَاخُلُ لَا يَكُونُ بَعْدَ أَدَاءِ الْأَوَّلِ فَدَلَّ أَنَّ الصَّحِيحَ اتِّحَادُ السَّبَبِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَكَرَهُ أَوْ سَمِعَ ذِكْرَهُ فِي مَجْلِسٍ مِرَارًا فَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُونَ هَذَا قِيَاسَ السَّجْدَةِ فَيَقُولُونَ: يَكْفِيهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقُولُونَ: يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ حَقُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ «لَا تَجْفُونِي بَعْدَ مَوْتِي قِيلَ: وَكَيْفَ تُجْفَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْ أُذْكَرَ فِي مَوْضِعٍ فَلَا يُصَلَّى عَلَيَّ» وَحُقُوقُ الْعِبَادِ لَا تَتَدَاخَلُ وَلِهَذَا قَالُوا مَنْ عَطَسَ وَحَمِدَ اللَّهَ فِي مَجْلِسٍ يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يُشَمِّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَاطِسِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ