لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ، وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا، وَقَدْ «صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الدَّجَاجِ» وَلَوْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى خَبَثٍ لَامْتَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَنَاوُلِهِ، وَاَلَّذِي رَوَى أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَذْبَحُهَا، فَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الدَّجَاجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَخْلِطُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْجَلَّالَةِ الَّتِي لَا تَأْكُلُ إلَّا الْجِيَفَ، وَفِي الْكِتَابِ قَالَ: تُحْبَسُ أَيَّامًا عَلَى عَلَفٍ طَاهِرٍ قِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: عَشْرَةَ أَيَّامٍ، وَالْأَصْلَحُ أَنَّهَا تُحْبَسُ إلَى أَنْ تَزُولَ الرَّائِحَةُ الْمُنْتِنَةُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِذَلِكَ، وَهُوَ شَيْءٌ مَحْسُوسٌ، وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالزَّمَانِ لِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ فِي ذَلِكَ فَيُصَارُ فِيهِ إلَى اعْتِبَارِ زَوَالِ الْمُضِرِّ، فَإِذَا زَالَ بِالْعَلَفِ الطَّاهِرِ حَلَّ تَنَاوُلُهُ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (تَمَّ الْجُزْءُ الْحَادِيَ عَشْرَ وَيَلِيهِ الْجُزْءُ الثَّانِي عَشْرَ، وَأَوَّلُهُ كِتَابُ الذَّبَائِحِ)