يَأْكُلَهُ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ أَمْرٌ دِينِيٌّ فَتَتِمُّ الْحُجَّةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِيهِ وَكَمَا لَا يَأْكُلُهُ لَا يُطْعِمُهُ غَيْرَهُ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي نَظِيرِهِ أَتُطْعِمِينَ مَا لَا تَأْكُلِينَ» وَلَا يَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَكَمَا لَا تَتِمُّ الْحُجَّةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَفْسَخُهُ وَلَا يَسْتَحِلُّ مَنْعَ الْبَائِعِ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَهُ بِالْعَقْدِ قَبْلَهُ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي إسْقَاطِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْعِبَادِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ قَدْ بَقِيَ مَمْلُوكًا لَهُ مُتَقَوِّمًا لِأَنَّ نَقْضَ الْمِلْكِ فِيهِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ ثَمَنِهِ (فَإِنْ قِيلَ) الْحِلُّ هُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمًا لِلْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ إلَّا بِمَا يَبْطُلُ بِهِ الْمِلْكُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ (قُلْنَا) لَا كَذَلِكَ بَلْ ثُبُوتُ حِلِّ التَّنَاوُلِ بِالْإِذْنِ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْبَيْعِ إذْنُ الْمُشْتَرِي فِي التَّنَاوُلِ مُسَلَّطًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَافٍ لِثُبُوتِ الْحِلِّ فِي هَذَا الْعَيْنِ فَمَا زَادَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حُكْمِ الْحِلِّ وَبِنَحْوِهِ عَلَّلَ فِي الْبُيُوعِ فِي تَنْفِيذِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَقَالَ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا تَمَامُ الْبَيْعِ بِهَذَا اللَّفْظِ حَتَّى لَوْ قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ بِدِرْهَمٍ لِي عَلَيْك فَأَكَلَهُ كَانَ هَذَا بَيْعًا وَكَانَ قَدْ أَكَلَهُ حَلَالًا بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَالَتْ طَأْنِي بِكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لَوْ فَعَلَهُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْجُمْلَةُ دُونَ الْأَحْوَالِ وَإِذَا كَانَ حِلُّ الطَّعَامِ فِي الْجُمْلَةِ يَثْبُتُ بِغَيْرِ مِلْكٍ فَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ هَذَا الرَّجُلُ وَلَكِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّنَاوُلِ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَنَاوُلُهُ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ قَبْلَ الْبَيْعِ إنَّمَا لَا يَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُهُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْعَيْنِ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْبَيْعُ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إزَالَةِ حُرْمَةٍ ثَابِتَةٍ لِلْعَيْنِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَنَاوُلُهُ فَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ
وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَالْوُضُوءِ مِنْهُ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُمَكِّنُ رِيبَةً فِي قَلْبِهِ وَالتَّنَزُّهُ عَنْ مَوَاضِعِ الرِّيبَةِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ هُنَا لَمْ يُخْبِرْ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ تَمَلَّكَ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَهُوَ مُكَذَّبٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَرْعًا فَإِنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ صَاحِبَ الْيَدِ مَالِكًا بِاعْتِبَارِ يَدِهِ وَلِهَذَا لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَعَلَى هَذَا أَيْضًا لَوْ أَذِنَ لَهُ ذُو الْيَدِ فِي تَنَاوُلِ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي يَدِهِ غَصْبٌ مِنْ فُلَانٍ وَذُو