الْجَبَلِ فَقَالَ هِيَ وَمِثْلُهَا وَالنَّكَالُ، وَإِذَا جَمَعَهَا الْمُرَاحُ فَفِيهَا الْقَطْعُ»، وَفِي رِوَايَةٍ «فَفِيهَا غُرْمُ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ «، فَإِذَا آوَاهَا الْجَرِينُ وَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهَا الْقَطْعُ»، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لَا قَطْعَ فِي عَامِ السَّنَةِ وَهِيَ زَمَانُ الْقَحْطِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ التَّنَاوُلَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ وُجُوبَ الْقَطْعِ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا قَطْعَ فِي مَجَاعَةِ مُضْطَرٍّ» وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: رَأَيْت رَجُلَيْنِ مَكْتُوفَيْنِ وَلَحْمًا فَذَهَبْت مَعَهُمْ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ صَاحِبُ اللَّحْمِ كَانَتْ لَنَا نَاقَةٌ عُشَرَاءُ نَنْتَظِرُهَا، كَمَا يُنْتَظَرُ الرَّبِيعُ فَوَجَدْت هَذَيْنِ قَدْ اجْتَزَرَاهَا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَلْ يُرْضِيك مِنْ نَاقَتِك نَاقَتَانِ عُشَرَاوَانِ مُرْبِعَتَانِ؟ فَإِنَّا لَا نَقْطَعُ فِي الْعِذْقِ، وَلَا فِي عَامِ السَّنَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ السَّنَةِ، وَالْعُشَرَاءُ هِيَ الْحَامِلُ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا عَشْرَةُ أَشْهُرٍ وَقَرُبَ وِلَادَتُهَا فَهِيَ أَعَزُّ مَا يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهَا يَنْتَظِرُونَ الْخِصْبَ وَالسَّعَةَ بِلَبَنِهَا، كَمَا يَنْتَظِرُونَ الرَّبِيعَ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنَّا لَا نَقْطَعُ فِي الْعِذْقِ مِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي فِي الْعِرْقِ، وَهُوَ اللَّحْمُ وَالْأَشْهَرُ الْعِذْقُ، وَهُوَ الْكِبَاسَةُ وَمَعْنَاهُ لَا قَطْعَ فِي عَامِ السَّنَةِ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَخْمَصَةِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَامِ السَّنَةِ يَضُمُّ إلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أَهْلَ بَيْتٍ آخَرَ وَيَقُولُ لَنْ يَهْلَكَ النَّاسُ عَلَى إنْصَافِ بُطُونِهِمْ فَكَيْف نَأْمُرُ بِالْقَطْعِ فِي ذَلِكَ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْخِلْسَةِ قَالَ تِلْكَ الدَّعَارَةُ الْمُغَالَبَةُ لَا قَطْعَ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةِ الْغَالِبَةِ فَهَذَا مِنْهُ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ السَّرِقَةِ وَالْخِلْسَةُ لَا تَكُونُ سَرِقَةً، فَإِنَّ الْمُخْتَلِسَ يَسْتَدِيرُ صَاحِبَ الْمَتَاعِ، وَلَا يُسَارِقُ عَيْنَهُ
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ، وَإِنْ سَرَقَ مَمْلُوكًا قُطِعَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَالْحُرُّ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ، وَفِي الصَّغِيرِ يَتَحَقَّقُ فِعْلُ السَّرِقَةِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نُبَيِّنُهُ
وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي السَّارِقِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ عَادَ اسْتَوْدَعْته السِّجْنَ إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَأْكُلُ بِهَا وَرِجْلًا يَمْشِي عَلَيْهَا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ عَرَضَ السُّجُونَ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ، وَقَدْ سَرَقَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِيهِ، قَالَ: بَعْضُهُمْ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَسْتَنْجِي وَيَرْفَعُ لُقْمَتَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُقْطَعُ: رِجْلُهُ الْيُمْنَى فَقَالَ: مَا ذَاكَ عَلَيْهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَمْشِي إلَى حَاجَتِهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَقْطَعُهُ حَتَّى أَتِيَ عَلَى قَوَائِمِهِ كُلِّهَا يُرِيدُ بِهِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَقْطَعُ يَدَهُ وَرِجْلَهُ ثُمَّ أَحْبِسُهُ يُرِيدُ بِهِ قَوْلَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ