أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّتْ ابْنَةُ الْمَيِّتِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إقْرَارِهَا، وَيُجْعَلُ الْمَالُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْآخَرِ ابْنٌ لَهُ وَابْنَتَانِ وَلَمْ يُوَقِّتُوا وَقْتًا كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْحُجَّتَيْنِ، فَإِنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْوَلَاءِ مِثْلُ شَهَادَةِ الرِّجَالِ وَلَا تَرْجِيحَ مِنْ حَيْثُ التَّارِيخِ فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، فَلِهَذَا كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي فَادَّعَى عَلَى عَرَبِيٍّ أَنَّهُ مَوْلَاهُ، وَأَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ أَبَاهُ وَجَاءَ بِأَخَوَيْهِ لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ، وَالْعَرَبِيُّ يُنْكِرُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ فِي الْحَقِيقَةِ هَذَا مِنْهُمْ دَعْوَى، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ مَعَ أَخَوَيْهِ فِي هَذَا الْوَلَاءِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا مَالًا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ تَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَإِذَا كَانَ الْعَرَبِيُّ مُنْكِرًا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الِابْنُ الَّذِي يَدَّعِي الْوَلَاءَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ أَبِيهِ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَبَ حَيٌّ يَدَّعِيهِ وَشَهَادَةُ الِابْنَيْنِ لِأَبِيهِمَا فِيمَا يَدَّعِيهِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً وَإِنْ ادَّعَى الْعَرَبِيُّ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى جَازَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الِابْنِ كَإِنْكَارِ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَإِنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِالْوَلَاءِ لِلْعَرَبِيِّ وَلَا تُهْمَةَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ وَلَاءَ رَجُلٍ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرِ مَوْتِهِ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنَّ التَّدْبِيرَ غَيْرُ الْعِتْقِ الْمُنْجَزِ فِي الْمَرَضِ، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ قَدْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَقَدْ دَخَلَ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِكَلَامِ فُلَانٍ وَقَدْ فَعَلَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَاتَبَهُ وَاسْتَوْفَى الْبَدَلَ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِمَالٍ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ غَيْرُ الْعِتْقِ بِمَالٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكِتَابَةَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْعِتْقَ فَكَانَ هَذَا اخْتِلَافًا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى، بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ حَيْثُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَوْلٌ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إذْ الْقَوْلُ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ، وَيَكُونُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَأَخَذَ رَجُلٌ مَالَهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَخَبَرُ الْمُخْبِرِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّدْقِ فِي حَقِّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُعَارِضُهُ؛ وَلِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ خَاصَمَهُ فِيهِ إنْسَانٌ سَأَلْتَهُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَالِ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَمَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ لَا يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ، فَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَضَيْتَ بِالْوَلَاءِ وَالْمِيرَاثِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَلَاءُ