مُدَّةِ الْحَبَلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَبَيُّنُ فَرَاغِ الرَّحِمِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ قَبْلَ الْوَضْعِ فَزِيدَ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا لِهَذَا الْمَعْنَى لَا أَنْ تَجْعَلَ مُدَّةَ الْحَبَلِ كَحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ لَزِمَهَا صِفَةٌ مُنَافِيَةٌ لِلْحَيْضِ حَتَّى أَنَّهَا وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ لَا يَكُونُ حَيْضًا بِخِلَافِ الْمُمْتَدَّةِ طُهْرُهَا.

(قَالَ)، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ لَا تَحِيضُ مِنْ كِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً مَتَى شَاءَ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ حَتَّى بِمُضِيِّ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْجِمَاعِ بِمَا يَفْصِلُ بِهِ بَيْنَ الطَّلَاقَيْنِ فِي عِدَّةٍ هِيَ ذَاتُ فُصُولٍ كَمَا فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ هُنَا يَفْصِلُ بَيْنَ طَلَاقَيْهَا بِشَهْرٍ فَكَذَلِكَ يَفْصِلُ بَيْنَ طَلَاقِهَا وَجِمَاعِهَا بِشَهْرٍ وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ فِي أَنَّهَا لَا حَيْضَ فِي عِدَّتِهَا فَيُبَاحُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ كَمَا يُبَاحُ الْإِيقَاعُ عَلَى الْحَامِلِ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إنَّمَا كُرِهَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَقِيبَ الْجِمَاعِ لِتَوَهُّمِ الْحَبَلِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ هُنَا فَكَانَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ مُبَاحًا.

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا طَلَّقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ آخَرَ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ التَّطْلِيقَةِ الْأُولَى وَذَلِكَ يُتْلَى فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] وَالْمُرَادُ الصَّغِيرَةُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِيقَاعَ إذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تُعْتَبَرُ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ نَاقِصَةً أَوْ كَامِلَةً فَإِنْ كَانَ الْإِيقَاعُ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ فَفِي حَقِّ تَفْرِيقِ الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ كُلُّ شَهْرٍ بِالْأَيَّامِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا بِالِاتِّفَاقِ.

وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْتَبَرُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِالْأَيَّامِ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَبَرُ شَهْرٌ وَاحِدٌ بِالْأَيَّامِ وَشَهْرَانِ بِالْأَهِلَّةِ لِأَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ الْأَصْلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] وَالْأَيَّامُ بَدَلٌ عَنْهَا فَفِي الشَّهْرِ الْوَاحِدِ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ مَا هُوَ الْأَصْلُ فَاعْتُبِرَ الْبَدَلُ، وَفِي الشَّهْرَيْنِ لَمْ يَتَعَذَّرْ اعْتِبَارُ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ مَا لَمْ يَتِمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ لَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ الثَّانِي فَدُخُولُ الشَّهْرِ الثَّانِي وَسَطُ الشَّهْرِ الثَّانِي أَيْضًا وَكَذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَيَتَعَذَّرُ اعْتِبَارُ الْكُلِّ بِالْأَهِلَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا بِالْأَيَّامِ وَلَا يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَّا بِتَمَامِ تِسْعِينَ يَوْمًا مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا.

وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الشَّهْرَ فِي حَقِّ الَّتِي لَا تَحِيضُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ فِي حَقِّ الَّتِي تَحِيضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الشَّهْرُ فِي حَقِّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الَّتِي تَحِيضُ حَتَّى يَتَقَدَّرَ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَيُفْصَلَ بِهِ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْقُرْءِ الْحَيْضُ وَلَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَيْضُ إلَّا بِتَخَلُّلِ الطُّهْرِ، وَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015