بِهَا: إنْ شِئْت سَبَّعْتُ لَك وَسَبَّعْتُ لَهُنَّ»، زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «إنْ شِئْت ثَلَّثْتُ لَك وَثَلَّثْتُ لَهُنَّ»، وَفِي رِوَايَةٍ «وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْتُ لَك، ثُمَّ دُرْت»، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا فَقَالُوا: الْجَدِيدَةُ وَالْقَدِيمَةُ فِي حُكْمِ الْقَسْمِ سَوَاءٌ بِكْرًا كَانَتْ الْجَدِيدَةُ، أَوْ ثَيِّبًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ بِكْرًا يُفَضِّلُهَا بِسَبْعِ لَيَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَثَلَاثُ لَيَالٍ، ثُمَّ التَّسْوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تُفَضَّلُ الْبِكْرُ بِسَبْعٍ وَالثَّيِّبُ بِثَلَاثٍ»، وَلِأَنَّ الْقَدِيمَةَ قَدْ أَلِفَتْ صُحْبَتَهُ وَأَنِسَتْ بِهِ وَالْجَدِيدَةُ مَا أَلِفَتْ ذَلِكَ بَلْ فِيهَا نَوْعُ نَفْرَةٍ وَوَحْشَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ عَنْهَا بِبَعْضِ الصُّحْبَةِ لِتَسْتَوِيَ بِالْقَدِيمَةِ فِي الْإِلْفِ، ثُمَّ الْمُسَاوَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ بِكْرًا فَفِيهَا زِيَادَةُ نَفْرَةٍ عَنْ الرِّجَالِ فَيُفَضِّلُهَا بِسَبْعِ لَيَالٍ، وَإِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَهِيَ قَدْ صَحِبَتْ الرِّجَالَ وَإِنَّمَا لَمْ تَصْحَبْهُ خَاصَّةً فَيَكْفِيهَا ثَلَاثُ لَيَالٍ؛ لِتَأْنَسَ بِصُحْبَتِهِ. وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ؛ اجْتِمَاعُهَا فِي نِكَاحِهِ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَوْ وَجَبَ تَفْضِيلُ إحْدَاهُمَا كَانَتْ الْقَدِيمَةُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ فِي جَانِبِهَا أَكْثَرُ حَيْثُ أَدْخَلَ غَيْرَهَا عَلَيْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَغِيظُهَا عَادَةً، وَلِأَنَّ لِلْقَدِيمَةِ زِيَادَةَ حُرْمَةٍ بِسَبَبِ الْخِدْمَةِ، كَمَا يُقَالُ لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ وَلِكُلِّ قَدِيمٍ حُرْمَةٌ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَالْمُرَادُ التَّفْضِيلُ بِالْبِدَايَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ، كَمَا ذُكِرَ فِي «حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنْ شِئْت سَبَّعْت لَك وَسَبَّعْت لَهُنَّ» وَقَوْلُهُ: «إنْ شِئْت ثَلَّثْت لَك، ثُمَّ دُرْت» أَيْ أَخْبَرْت بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ إنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَدِيدَةِ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ اللَّذَّةِ وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا.
(قَالَ:) وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالْمُرَاهِقَةُ وَالْمَجْنُونَةُ وَالْبَالِغَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ سَوَاءٌ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُنَّ فِي سَبَبِ هَذَا الْحَقِّ وَهُوَ الْحِلُّ الثَّابِتُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ أَكْثَرَ مِمَّا يُقِيمُ عِنْدَ الْأُخْرَى، إلَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِيهِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ فِي مَرَضِهِ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَأَذِنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى قُبِضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ وَالْمَرِيضَ فِي الْقَسْمِ سَوَاءٌ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ كَانَ يَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ لَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ اسْتَأْذَنَهُنَّ فِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ وَالْمَرِيضَ سَوَاءٌ وَأَنَّ عِنْدَ الْإِذْنِ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ. فَأَمَّا الْأَمَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَكُونُ زَوْجَةَ الرَّجُلِ فَيَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا حُرَّةً فَلِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ وَاحِدٌ؛ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى مَا رَوَيْنَا